بقلم / محمد عبد الجواد
«أنا شجيع السيما وفتوة الحارة كلامي يجب تنفيذه فورا ودون أي تفكير» هذه الجملة تلخص حال العالم منذ تنصيب «ترامب» رئيسا للولايات المتحدة، فالرجل يبدو أنه غير مصدق أنه بالفعل نجح في الانتخابات وعاد مجددا إلى البيت الأبيض ويتعامل مع الجميع وكأنه يعيش في عالم موازي لأنه متهور سياسيا ويعيش في زمن فتوات الـ COW BOY الذين روجت لهم كثيرا أفلام السينما الأمريكية ويريد تنصيب نفسه حاكما على العالم ينتزع من الدول سيادتها حتى على أراضيها ويصدر قرارات عنترية بلا أي دراسة كبالونات اختبار لقياس مدى تأثيره في السياسة الدولية وجميعها ردت في صدره وأظهرته مفتقدا اللباقة السياسة والقدرة على تقدير الموقف وحساب رد الفعل قبل اتخاذ القرار.
«ترامب» دخل على العالم وكأنه «عنتر شايل سيفه» وأصدر حزمة أوامر مجنونة أقل ما توصف به أنها جليطة سياسية منها حديثه الموجه لمصر والأردن باستقبال نازحين فلسطينيين لحين إعادة إعمار غزة وتلقى ردا صادما من الدولتين بأن تهجير الفلسطينيين خط أحمر وغير مقبول حتى الغزاويين أنفسهم أبهروا العالم في عودتهم من الجنوب إلى الشمال باتجاه منازلهم الدمرة في رحلة أشبه بنفرة الحجيج من عرفات إلى المزدلفة تمسكا بالأرض ورفض الرحيل.
بعض القرارات «الترامبية» كانت أنه يتعين على الدنمارك أن تتنازل عن جزيرة جرينلاند أكبر الحزر في العالم بمساحة 2.1 مليون كم للولايات المتحدة، وجاء رد رئيس الوزراء الدنماركي السابق لارس لوكه راسموسن على تويتر صادما حينما قال له: «إنها كذبة أبريل جاءت في غير موعدها»، فيما قالت رئيسة وزراء الدنمارك، ميتي فريدريكسن: «أرضنا ليست للبيع».
وواصل «ترامب» شطحاته السياسية بمطالبة كندا أن تصبح الولاية 51 في أمريكا، لكن رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، رد عليه بسخرية قائلاً: «لا توجد فرصة وذلك أشبه بفرصة بقاء كرة ثلج في الجحيم».
«ترامب» حول بوصلته في مهاتراته السياسية إلى دولة صغيرة في أمريكا الوسطى عساها ترضخ لأحلامه ونزواته فطالب بنما أن تتنازل عن قناة بنما الرابطة بين المحيطين الأطلنطي والهادي لبلاده ولكن رد رئيس بنما خوسيه راؤول مولينو كان مؤلما حينما قال: «كل متر مربع في القناة ومحيطها يعود لن “سيادة بنما واستقلالها غير قابلين للتفاوض».
وطالب ترامب دول الناتو بزيادة الانفاق العسكري من 2% إلى 5% من ناتجها القومي، ولكن دول الحلف ردت عليه بالقول إن 23 دولة من الأعضاء ملتزمون بإنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع أو تجاوزه في عام 2024 والولايات المتحدة تنفق 3.38% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع في 2024/ وهو أقل بكثير من 5%.
ويصر ترامب على قيام ألمانيا واليابان بدفع مليارات الدولارات مقابل وجود القوات الأمريكية في أراضيها وهو ما دفع إلى مواجهة عنيفة وحرب كلامية مع المستشار الألماني.
الرئيس الأمريكي الذي يبدو في إطلالاته مثل الشخصيات الكرتونية البهلوانية والدمى البدينة في أفلام «والت ديزني» لم يلق قبولا داخل بلاده بعدما تحدث عن إلغاء منح الجنسية الأمريكية بالولادة وقام القضاء الأمريكي بتعليق قراره بإلغاء حق نيل الجنسية بالولادة لمخالفته الصريحة لنصوص الدستور بعد ما طعنت 22 ولاية أمام المحكمة على دستوريته وبالتالي على العالم أن يجهز نفسه لمواجهات وجودية عنيفة قد تحدث زلازل سياسية في أكثر من مكان على الخريطة.
ولأن المصائب لا تأتي فرادى قالت «آن ماري ترامي» والدة الرئيس الأمريكي عن ابنها من قبل: «إنه أحمق ولايتمتع بقدر من الحس السليم ولا المهارات الاجتماعية لكنه ابني وأتمنى ألا ينخرط في العمل بالسياسة لأنه سيكون كارثة» وقد صدقت فيما قالت لأن المؤشرات الحالية تثبت صدق حدسها.