ســؤال وأنا أودع عام 2024
د.هشام محفوظ
أتحمس أحياناً لإنجاز أشياء أرى أنها مهمة وفجأة يفتر الحماس فلا أنجز شيئاً من ذلك..يشغلني هذا بشدة بحجم ما يشغلني هذا القول الرباني الكريم في كتابه العزيز:”ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض”؛ سألت نفسي وحاولت أن أكون السائل والمسؤول :
هل مثل هذه القضايا الكبرى السبب في فتور النشاط في إنجاز مهامك التي تتحمس لها؟
أصغيت بكل شغف لحديث نفسي مع نفسي قائلا لها وقائلة لي: ينبغي ألا تطول هذه الفترة الزمنية التي نتحدث فيها مع أنفسنا بصوت مسموع ، وإن كان بعض الخبراء يحبذون مثل هذه الحوارات التي يطيب لأهل الحكمة أن يطلقوا عليها مصطلح ” محاسبة النفس”.
على أية حال ، دعك الآن من الحديث عن التدافع لأن شرحه يطول ، ولا خبرة علمية وافية لك فيه ، علما بأنه قد أفاض العلماء في الحديث عنه ، ويمكن الرجوع إلى رجال الدين في هذا الأمر وللفلاسفة و أهل النظر ومن بينهم “هيجل”، هذا فضلاً عن أنه يتماس مع العلوم السياسية والمعلومات الكافية التي من الإنصاف الأمني ألا توغل في البحث عنها، وفقاً للقاعدة المتعلقة بالعلوم الأمنية والسياسية والدبلوماسية: ليس كل ما يعرف يقال .
ولذلك دعنا الآن نتحدث عن الظاهرة التي تصفها ؛ هي شيء يمر به الكثيرون، وتعود أسبابها إلى عدة عوامل نفسية وسلوكية قد يكون منها:
1. تضاؤل الدافع الأوّليّ :
الحماس الذي نشعر به في البداية يكون مدفوعًا بفكرة جديدة أو طاقة لحظية. لكن مع مرور بعض الوقت، قد يتلاشى هذا الحماس إذا لم تُترجم الفكرة بسرعة ونشاط إلى خطوات عملية .فيبدأ الكسل في لعب دور البطولة ؛ هذا الكسل الذي تعوذ منه الرسول الكريم ،صلى الله عليه وسلم .
2. الخوف أو الخجل من الفشل:
قد يكون هناك خجل أو خوف أو قلق داخلي حول النتائج أو مواجهة العقبات، مما يؤدي إلى التردد أو تأجيل التنفيذ.
3. التشتت وكثرة الانشغالات:
قد تبدأ بفكرة ملهمة، لكن ضغوط الحياة اليومية أو الالتزامات الأخرى تعرقل التركيز والاستمرار.
4. عدم وجود خطة واضحة:
إذا لم تكن هناك خطوات محددة للعمل، يصبح الحماس مجرد شعور عابر لا يتحول إلى إنجاز .
5. البحث عن الكمال:
الرغبة في تنفيذ الأمر بشكل مثالي قد تؤدي إلى التسويف المتكرر، حيث يبدو لنا أن البدء أو الإنجاز أصعب مما هو عليه فنؤجل قرار البدء مرات ومرات إلى أن يتلاشى الحماس الأوٌليٌ.
6. ضعف الروابط النفسية:
إذا لم تكن الفكرة أو الهدف مرتبطًا – بشدة – بقيمك الشخصية أو أولوياتك، فقد لا يستمر حماسك طويلًا .
ولمن يسأل:كيف نعالج هذه الحالة؟
ابدأ بخطوات صغيرة: فتقسيم العمل إلى مهام صغيرة يجعل الإنجاز أسهل وأكثر تحفيزًا.
اربط الهدف بقيمك: اسأل نفسك عن السبب الحقيقي وراء رغبتك في الإنجاز ومدى ارتباطه بطموحاتك.
ذكر نفسك بالمكافآت: فكر في النتيجة النهائية ومدى فائدتها عليك أو على الآخرين.
لا تخجل ، واجه الخوف: تقبل فكرة أن الخطأ جزء من التعلم، وأن الإنجاز يأتي بالتجربة .
التزم بجدول زمني: ضع مواعيد محددة لخطوات التنفيذ لتجنب التسويف .
المهم هو أن تستعيد الدافع بالعودة إلى نيتك الأولى التي حفٌزتك، وتحويل الأفكار إلى أفعال، حتى لو كانت صغيرة .
تذكر دائماً أن خير الناس أنفعهم للناس ، وأن خير الأعمال العمل الصالح الدائم و إن قل ، وأن إرضاء الناس جميعاً غاية لا تُدرك ، لابد من وجود من يختلف معك ، الأنبياء أنفسهم لم يحظوا بالتأييد الكامل..
“ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين” صدق الله العظيم!
إن شاء الله نستقبل عام 2025 وقد حقق كل منا فيه مالم يتحقق من خير ونفع و إبداع في 2024..
بالأمل البناء أهلاً 2025وبكل الوفاء مع ألف سلامة 2024..
د.هشام محفوظ
24 ديسمبر 2024