ما هي خطة “اليوم التالي” الإسرائيلية للتعامل مع غزة بعد الحرب؟
تواجه إسرائيل ضغوطا من حلفائها في اتجاه إعداد خطة لمستقبل غزة ما بعد انتهاء الحرب على حماس.
وكشف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت النقاب عن مقترحات للحكم المستقبلي في المنطقة، والمعروفة إعلاميا بخطة “اليوم التالي”.
لكن ما هذه الخطة؟ وما ردود الأفعال التي ظهرت تجاهها سواء من العالم العربي أو من داخل إسرائيل؟ وما التحديات التي قد تواجه تنفيذ هذه الخطة المقترحة؟
ما هي خطة “اليوم التالي” لمستقبل غزة؟
إذ لن تعود حماس إلى حكم غزة بينما تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية الكاملة على القطاع، بما في ذلك تفتيش البضائع التي تدخل إلى المنطقة وتخرج منها على ألا يقيم مدنيون إسرائيليون في المنطقة.
وتتولى قوة متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة، تضم شركاء إقليميين وأوروبيين، مسؤولية إعادة إعمار قطاع غزة.
بالنسبة لمصر فتتضمن الخطة أن يكون لها دورهام، لكن تفاصيل هذا الدور لم تتحدد بعد.
بموجب الخطة، يلعب الجانب الفلسطيني دورا محدودا، لكن “بشرط ألا تكون هناك أعمال عدائية أو تهديدات لإسرائيل”.
وفي محاولة للتوصل إلى فهم أكبر للخطة الإسرائيلية لإدارة غزة بعد الحرب، قالت كبيرة المراسلين الدوليين في بي بي سي ليز دوسيت إنه “يبدو أن السلطة الفلسطينية في رام الله لن يكون لها أي دور لتلعبه” أو بالطبع حماس.
كما أوضحت الخطة الإسرائيلية كيف تستمر إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية في المرحلة المقبلة من الحرب في غزة.
وقال غالانت إن القوات الإسرائيلية سوف تتبع نهجا أكثر استهدافا في شمال غزة حيث من المقرر أن تتضمن العمليات العسكرية مداهمات، وهدم أنفاق، وهجمات جوية وبرية. وفي جنوب القطاع، سيستمر الجيش الإسرائيلي في محاولات ضرب حماس وقياداتها وتحرير الرهائن الإسرائيليين.
ما ردود الأفعال تجاه خطة غالانت المقترحة؟
ولم تصدر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أي تصريحات تعليقا على تلك المقترحات، لكنه أكد في وقت سابق أنه على الجيش الإسرائيلي أن “يقضي على حماس” قبل الشروع في تنفيذ خطط ما بعد الحرب.
ولم تناقش تفاصيل الخطة في الاجتماع السابق لمجلس الوزراء الإسرائيلي، لكن تقارير أشارت إلى أن الاجتماع انتهى وسط توترات حادة ومعارضة شديدة من قبل بعض الوزراء للأسماء المطروحة للتحقيق في أحداث وملابسات هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي الذي نفذته حركة حماس.
وقال بعض أعضاء اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو إنه ينبغي حث الفلسطينيين على مغادرة غزة إلى المنفى والعودة إلى بناء المستوطنات اليهودية في المنطقة – وهي الاقتراحات المثيرة للجدل المرفوضة كونها “متشددة” و”غير قابلة للتطبيق” من قبل بعض الدول في المنطقة وبعض حلفاء إسرائيل.
ماذا قالت السلطة الفلسطينية؟
قال رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد اشتية إن أي ترتيبات نهائية لابد أن تتضمن “حلا سياسيا لكل فلسطين” لا لغزة فقط، وذلك في مقابلة أجرتها معه صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية.
وأضاف أن “إسرائيل تريد فصل غزة عن الضفة الغربية سياسيا”.
واستمر: “لا أعتقد أن إسرائيل ستترك غزة في وقت قريب. وأعتقد أنها تؤسس لإدارة مدنية خاصة بها في القطاع تعمل بتعليمات من جيش الاحتلال. لذلك لم تتضح بعد خطة (اليوم التالي)”.
ولم تصدر أي تصريحات من قبل مصر، التي ورد ذكرها في الخطة، تتضمن تعليقا رسميا على ما أعلنه غالانت.
وقال كير سترامر، زعيم المعارضة البريطانية، إنه لا ينبغي أن تكون إسرائيل هي الجانب الذي يملي على الجميع ما سيحدث في غزة، مطالبا بحل الدولتين.
وأضاف سترامر لبي بي سي: “لا يمكن أن يكون هناك احتلال إسرائيلي، وينبغي أن يعود النازحون إلى أمكن سكناهم، إذ إن حوالي مليوني نازحٍ تركوا منازلهم خلال الشهرين الماضيين، وهو ما لا يمكن تجاوزه”.
واستمر: “صراحة، لا أعتقد أن من حق إسرائيل أن تحدد ما يحدث في غزة. لابد أن يكون هناك توافق دولي أكثر على ذلك، وإلا فشل الأمر برمته”.
ورجح أن القادة في الأردن وقطر ودول عربية أخرى ينبغي أن يكون لهم دور في التوصل إلى حل سلمي ومناقشة خطة “اليوم التالي”.
وتضغط الولايات المتحدة في اتجاه حل الدولتين، مقترحة أن تحكم غزة “سلطة فلسطينية فاعلة” يكون مقرها الضفة الغربية، وهو ما لا يعكس الخطة الإسرائيلية.
وتتوجه الأنظار إلى رد واشنطن على ما جاء في الخطة الإسرائيلية المقترحة. كما تحظى زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لإسرائيل باهتمام كبير، إذ يرجح أن تكون مناقشة مستقبل غزة بعد الحرب بين أهم الموضوعات المدرجة على أجندة هذه الزيارة.
ما التحديات التي تواجه الخطة الإسرائيلية؟
وحذر زعيم حزب الله حسن نصر الله الجمعة الماضية أنه حال “هزيمة إسرائيل لغزة، ستكون المعركة المقبلة في جنوب لبنان”.
لكن رغم تأييد حكومة إسرائيل والولايات المتحدة، أكبر حلفائها، للخطة إلا أنها ستمثل إشكالية كبيرة.
وقال يولاند نيل، مراسل الشرق الأوسط لبي بي سي إن عدم وجود مدنيين إسرائيليين في غزة يُعد “نقطة هامة” قد تثير خلافا بين أعضاء حكومة نتنياهو، “إذ كان بعض الوزراء اليمينيين المتشددين يطالبون بإعادة بناء المستوطنات اليهودية في غزة”.
ويرى نيل أن هناك تحديا آخر قد يواجه هذه الخطة وهو الولايات المتحدة، أكبر حلفاء إسرائيل، وموقفها من الخطة، إذ “أبدت واشنطن رغبة قوية في أن تتولى المسؤولية في غزة نسخة فاعلة من السلطة الفلسطينية”.
لكن قبل البدء في تنفيذ أي خطة لما بعد الحرب، لابد أن تنتهي هذه الحرب نفسها بعد أن قتلت إسرائيل أكثر من 22000 فلسطينيا في قطاع غزة، وبعد أن قتلت حماس 1100 إسرائيليا في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.