سياسةغير مصنفمقالات

بين السياسة العنترية والسياسة الوطنية

ثامر الحجامي

     يعيش العالم حالة صراع هي الأقوى منذ الحرب العالمية الثانية، وتظهر معالم هذا الصراع واضحة وجلية، في الصراع بين روسيا وأوربا من جهة بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ومن جهة اخرى بين أوربا وأمريكا، بسبب محاولات الرئيس الأمريكي ترامب فرض الهيمنة الإقتصادية عليها، كما إن هناك صراع إقتصادي بين الصين وأمريكا.

   أما منطقة الشرق الأوسط فهي كعادتها ملتهبة دائما، ولا تكاد النيران أن تخمد فيها، فغزة تعاني من الإجتياح الإسرائيلي الذي ذهب ضحيته الاف الضحايا، ورغم إتفاق وقف النار ما زالت إسرائيل تعتدي على لبنان يوميا في غارات أغلبها تستهدف المناطق المدنية، وسط صمت دولي عما تفعله إسرائيل، أما الأوضاع في سوريا فإن الصراع التركي الإسرائيلي على أشده، رغم محاولات التعتيم الإعلامي عما يحدث هناك من جرائم أبادة طائفية وعرقية ترتكبها المجاميع المسلحة.

   رغم كل ذلك يبقى الصراع الأمريكي والإيراني هو الأبرز في المنطقة، الذي ما إنطلقت شراره منه فإنها لن تحرق الشرق الأوسط فقط، وإنما ستكون تأثيراته على مستوى العالم، كون المنطقة هي المصدر الرئيسي للنفط في العالم، الذي يشهد إضطرابات اقتصادية، وحالة تضخم كبرى أثرت سلبا على مستويات المعيشة في العالم أجمع، أضف الى ذلك ما يتعرض له اليمن من قصف أمريكي متكرر في محاولة السيطرة على مضيق باب المندب، والدفاع عن إسرائيل من صواريخ اليمنيين.

  وسط هذه الأمواج المتلاطمة والنيران المشتعلة، يعيش العراقيون هاجس الخوف من غياب حالة الإستقرار الإجتماعي والسياسي، والتي أعطى العراق من أجلها أثمانا باهضة، تمثلت بآلاف من الشهداء والجرحى ومليارات من الأموال، حتى وصل الى الحالة التي هو عليها الآن، رغم أن هناك من يحاول الإستفادة من الأحداث الجارية لتحقيق مآرب سياسية وشخصية، متناسيا أن النار إذا إشتعلت فأنها  ستحرقه أولا، متصورا أن السياسات العنترية والخطابات الطائفية ستحقق ما يصبو اليه.

   ولأن لغة السلم يجب أن تكون هي الغالبة، وتحفظ العراق من الشرر المتطاير في المنطقة، لابد أن  يكون الخطاب الوطني هو الغالب، وأن تكون المصلحة العراقية  والحفاظ على تلاحم المجتمع العراقي هي الركائز التي يعمل عليها الجميع، لإعطاء رسائل الإطمئنان والإستقرار، وذلك ما فعله السيد عمار الحكيم بزيارته الى محافظة صلاح الدين، ولقائه بمختلف الشرائح في المحافظة من قادة سياسيين ونخب إجتماعية وشيوخ عشائر من مختلف الطوائف والإنتماءات.

    عندما اشتدت الأزمة السياسية قبل دخول داعش الى العراق عام 2014 اطلق السيد عمار الحكيم مبادرة أنبارنا الصامدة، التي كانت تهدف الى اخماد النيران المشتعلة والحفاظ على النسيج العراقي، والتي لو طبقت ربما لم يحصل ما حصل بعدها، واليوم بزيارته الى محافظة صلاح الدين يعكس طبيعة الشعب العراقي المتداخلة، التي لا يمكن أن تفرقها خطابات الطائفيين وأصحاب المكاسب الانية والخطابات العنترية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى