
إكرامي هاشم
تناولت في الجزء الأول من المقالة التأثير الجنوني لما حدث في سوريا على المتربصين والمتآمرين على أمن واستقرار مصر، وعلى رأسهم جماعة أحفاد شيطان الإسلام حسن البنا، وكيف وقعوا بغبائهم المعهود في فخ سوريا، والتي كانت بمثابة قطعة الجبن التي أخرجتهم من جحورهم، لينفضح أمرهم، وتتبخر سيناريوهاتهم التي نسجوها بخيالهم المريض من أجل زعزعة الاستقرار في مصر.
في هذا الجزء من المقال، نستعرض استغلالهم ومتاجرتهم بدماء أهلنا في غزة على مدار أكثر من عام، وكعادتهم، تزييف الحقائق وقلب الصور بهدف النيل من مصر، وذلك من خلال أبواقهم الإعلامية الملوثة بأموال أجهزة مخابرات غربية تحركهم من خلف الستار، وكأنهم قد وجدوا ضالتهم المنشودة فيما حدث في غزة، وتوهموا بأن الفرصة قد أتت إليهم.
وبدأوا منذ اللحظة الأولى لاندلاع تلك الحرب في تسويق المشهد لصالح هدفهم المنشود، وهو الطعن في الموقف المصري، واتهام النظام السياسي في مصر صراحةً وبكل فجاجة بالتواطؤ في الحصار المفروض على أهل القطاع، وكأن أعينهم قد عميت عن مئات الشاحنات التي كانت تصطف أمام معبر رفح من الجانب المصري، ومئات الجرحى الذين كانت تدخلهم مصر لتلقي العلاج في مستشفياتها، ولا سيما الأطفال منهم. وكلما أبطلت لهم في هذا الأمر حيلة، تراهم يتلوون كالثعابين، مبتكرين حيلًا أخرى، ناسجين بخيالهم العفن أكاذيب يرمون بها ذلك البلد الذي تطهر منهم.
رأيناهم على مدار ذلك العام من الحرب، تارةً يتهمون مصر بموافقتها سرًّا على صفقة القرن المزعومة، والتي تقضي بنقل سكان غزة إلى سيناء، متناسين أن شرارة تلك الصفقة قد انطلقت إبان احتلالهم لمصر وقبوعهم على رأس السلطة فيها، وأن أمرهم قد فضحه بعض الساسة الأمريكيين بقبول رئيسهم المعزول بتلك الصفقة مقابل حفنة من المليارات، عاملين بالمثل الشعبي المصري: “الساقطة تلهيك، وما فيها تجيبه فيك.”
وكعادتهم، ومنذ نشأتهم على يد جدهم الشيطان الأكبر حسن البنا، ظلوا يرددون الشعارات التي لا يملكون سواها على مدار أكثر من تسعين عامًا، ولا سيما فيما يخص القضية الفلسطينية، والتي طالما سمعناهم يزايدون بها على الأنظمة الحاكمة. ولعلي أتذكر شعارهم وهتافهم منذ أن كنت طالبًا بالجامعة خلال مظاهراتهم الموجهة: “على القدس رايحين، شهداء بالملايين.” متوهمين أننا قد نسينا أنه حينما كانوا على رأس السلطة، وجدنا رئيسهم يرسل بخطاب الولاء والمودة لرئيس الكيان الذي طالما طالبوا، في شعاراتهم، بفتح الحدود حتى يزحفوا لمحاربته وتحرير القدس من قبضته!
وهنا كانت نقطة النهاية لأضغاث أحلامهم وتبديد أكاذيبهم، والتي صرفوا عليها المليارات لترويجها عبر أبواقهم الإعلامية الرخيصة، وتنكشف مؤامراتهم الدنيئة في مطالبتهم بفتح الحدود والمعابر مع قطاع غزة الجريح، للسماح بتدفق أبنائه إلى سيناء، غير عابئين بدواعي الأمن القومي المصري. وهنا تكمن الإجابة عن السؤال الذي اختتمت به الجزء الأول من المقالة: لصالح من؟
ولعل الإجابة تنجلي في سياق الأحداث، وهي محاولة إحداث فوضى يستطيع من خلالها ميليشياتهم المتواجدة والمتخفية في الخارج التسللَ والمروق إلى داخل مصر، وكل ذلك يصب في مصلحة الكيان الصهيوني، ويسهل له تنفيذ أهدافه ومخططاته في الهيمنة والتوسع. وهنا أتذكر إحدى الجمل في أحد مشاهد مسلسل الجماعة، للعبقري وحيد حامد، عندما وجه أحد الجنود كلامه لأحد أفراد تنظيم الإخوان قائلًا له: “إنتم مش ممكن تكونوا مصريين، أنتم يهود!”
وإذا باللحظة الفارقة تأتي، ونصل إلى اتفاق الهدنة في غزة، وإذا بالجميع يتفاجأ بالدور المصري ووقوفه العملي بجانب أبناء الشعب الفلسطيني، وكأنني كنت أسمع صرخات هؤلاء المتآمرين وهم يشاهدون ويسمعون كلمات الشكر والثناء من أبناء غزة لمصر ورئيسها وشعبها. كما رأينا مشهد عودة الآلاف من أبناء القطاع إلى ديارهم، والذي تم بفضل جهود القيادة السياسية في مصر، لنرى الحسرة في أعين وعلى وجوه الخراف في كل مكان تواجدوا فيه.
وما زاد من حسرتهم وخيبة أملهم، زئير الأسد في وجه “ماما أمريكا”، وإعلانه بقوة وبكل وضوح رفضه القاطع لمخطط تهجير أبناء غزة إلى الأراضي المصرية، معلنًا صراحةً أن “التهجير خط أحمر.” فكان موقف القائد البطل هو الصخرة التي تفتتت عليها أضغاث أحلامهم، وتحطمت عليها مخططاتهم، هم وبنو جنسهم من القردة.
فكانت تصريحات سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي بمثابة الحجر الذي ضرب به أكثر من عصفور في وقت واحد؛ فقد حسرت الخراف على ما تهدم مما مكثوا لشهور يبنونه، وأرعب القردة بتحطم أحلامهم في التوسع.
وفي النهاية، علينا أن نقولها بصوت عالٍ:
تحيا مصر!