بقلم محمد عبد الجواد
يخطئ من يظن أن ترامب يريد أن يضع حدا للصراع المشتعل في الشرق الأوسط بين العرب وإسرائيل من وراء طرح الترويج لفكرة تهجير الفلسطينيين من المناطق المدمرة في غزة والضفة الغربية إلى مصر والأردن لأن الهدف المستتر هو مجاولة جني أكبر قدر من المكاسب الاقتصادية والسياسية والعسكرية وتحقيق حلم مؤجل لإسرائيل منذ إعلان قيام الدولة العبرية في 15 مايو عام 1948 وهو السيطرة على كامل أرض فلسطين تمهيدا للإنطلاق إلى المرحلة الثانية من مشروع حلم دولة إسرائيل الكبرى وهو السيطرة على باقي الأراضي العربية من النيل إلى الفرات الذي بدأت إرهاصاته مبكرا بالاستيلاء على مناطق في سوريا كانت مستعصية عليهم بعد الإطاحة بـ بشار الأسد وظهور القادة الجدد الذين تم إعدادهم وتدريبهم على يد المخابرات الأمريكية قبل تصعيدهم على مسرح السياسة في الشرق الأوسط كعرائس ماريونيت يتم تحريكها والتحكم فيها من خلال «أونكل سام» الذي غير طريقته في السيطرة على الدول من الدخول بالقوات العسكرية إلى وكلاء يأتمرون بأوامره حتى لو على حساب أوطانهم.
هذه الفكرة المجنونة رفضتها مصر مرارا وتكرارا قبل وبعد حرب غزة ويحاول «ترامب» تسويقها بغلاف إنساني يهدف منها إلى صيد مجموعة صقور بطلقة واحدة أولها تمكين إسرائيل من كامل أرض غزة في استنساخ لوعد بلفور وتصدير الأزمات لمصر التي ستلقى فيها هذه الفكرة معارضة سياسية واسعة ورفضا شعبيا قاطعا وابتزاز الأردن بورقة منع إسرائيل من ضم جزء من أراضي المملكة للدولة العبرية والضغط بورقة الكرسي الهاشمي لإغراء الملك بالقبول بدلا من إثارة القلاقل داخل المملكة الصغيرة وإثارة الإنقسام داخل الفلسطينين بين مؤيد للرحيل من الواقع البائس الذي آلت إليه الأوضاع بعد التدمير الممهنج ومعارض لمغادرة أرض الوطن بعد الثمن الباهظ الذي دفعوه من الشهداء والمصابين والخسائر المادية الجسيمة على مدار 15 شهرا.
ولأننا نعيش في ميلودراما الشيزوفرينيا الأمريكية يسعى ترامب جاهدا بحيلة شيطانية لتنفيذ جريمة ضد الإنسانية يطلق عليها الهجرة الطوعية من غزة إلى مصر والأردن فكيف تكون طوعية وانت تفرضها فرضا على المهجرين وعلى من يستقبلهم في الوقت الذي اتخذ فيها قرار بطرد اللاجئين ومنع دخول المهاجرين إلى بلاده ويتفنن في بناء جدار عازل على طول الحدود مع المكسيك لمنع دخول المهاجرين لأمريكا.
«ترامب» يتعامل مع أزمة شعب تم تدميره عن عمد بدعم ومساعدة بلاده وكأنها صفقة من صفقاته في بورصة «وول ستريت» يريد أن يخرج منها بأكبر قدر ممكن من الأرباح بغض النظر عن خسائر الآخرين وهم كثر.
فالرئيس الـ 47 لأمريكا ورث مالا وفيرا من والده وأدمن المراهنات والسمسرة في حلبات المصارعة وجنى منها مالا كثيرا استثمر جزءا منه في مشروعات عقارية ومشروعات خاصة لا يعلمها الكثيرون ويراهن حاليا على النجاح في تسويق وتحقيق فكرته التي وسوس له بها شيطان المكر والخداع والاحتيال بحجة إفساح المجال لعملية إعادة إعمار غزة على حد زعمه ولكن الهدف الحقيقي تحقيق ما فشلت فيه إسرائيل خلال حرب الإبادة التي شنتها على القطاع المنكوب ونجحت بدعم أمريكي في تسوية أكثر من 80% من مبانيه بالأرض وبالتالي يقدم فكرة شيطانية مغلفة بغلاف الإنسانية المطرز بالمكر والسمسرة والمقامرة التي أدمنها طوال حياته وحقق منها ثروته الطائلة حتى لو خاض في بحر من الدماء.
«ترامب» مارس الخداع والاحتيال على كبرى المؤسسات الاقتصادية التي حاولت الوصول إلى حجم ثروته الحقيقي بما في ذلك مجلة فوربس التي قدرتها بـ3.1 مليار دولار في 2019 وبلومبرج 2.8 مليار دولار في 2018 .
صحيفة واشنطن بوست قالت إن دونالد ترامب من الأثرياء الذين ترشحوا لمنصب الرئيس الأميركي، وتقدر ثروته بـ3.9 مليار دولار قبل نهاية 2024.
وقبل دخوله مجال السياسة، صنع ترامب لنفسه اسما في التطوير العقاري، وخلال 2023 أعلن عن دخل 635 مليون دولار من العقارات والفنادق والمنتجعات وحصل على عوائد تقدر بـ300 ألف دولار من بيع نسخة خاصة من الإنجيل، و4.4 مليون دولار من بيع كتابه «رسائل إلى ترامب» في 2023.
الكثير من ثروات «ترامب» تدفقت من والده فريد ترامب، وهو مطور عقاري وترامب استفاد من الصناديق التي أنشأها والده وجدته لأبيه ابتداء من عام 1949 عندما كان عمره 3 سنوات وكان مليونيرا في عمر 8 سنوات.
في عام 1982 نصب ترامب على فريق مجلة فوربس للظهور في قائمة الأثرياء وقال مراسل المجلة السابق جوناثان جرينبرج عام 2018 إنه خدعه بشأن ثروته الحقيقية من أجل الظهور في القائمة وتم إدراجه بمبلغ 100 مليون دولار، لكنه في الواقع كان يساوي 5 ملايين دولار فقط.
وفي 2005،أشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى «المليارات اللفظية» حيث قال 3 أفراد لديهم معرفة مباشرة بأمور ترامب إن القيمة الصافية لثروته كانت تتراوح بين 150 و250 مليون دولارًا رغم أنه قال علنا أن ثروته من 5 إلى 6 مليارات دولار ورفع ترامب دعوى قضائية ضد الصحفي (وناشر كتابه) بزعم التشهير، لكنه خسر القضية، والاستئناف؛ ومع ذلك رفض تسليم إقراراته الضريبية.
ووسط تكهنات حول ترشحه في الانتخابات الرئاسية 2012، قالت مجلة «بوليتيكو» إنه إذا قرر الترشح للرئاسة فإنه سيقدم بيانات إفصاح مالي يُظهر أن ثروته 7 مليارات دولار ورغم أنه لم يرشح نفسه نشر إفصاحه المالي لعام 2012 في كتاب وكان 7 مليارات دولار.
في 16 يونيو 2015، وقبل الإعلان عن ترشحه لمنصب الرئيس أصدر بيانًا ماليًا من صفحة واحدة يفيد بأن ثروته الصافية 8 مليارات و737 مليون و540 ألف دولار لكن فوربس فندت إدعائه وقالت إنه يملك 4.1 مليار دولار وفي عام 2016، قدرت المجلة ثروته بـ3.7 مليار دولار، وبلومبرج بـ3 مليارات.
وفي تصنيف المليارديرات لعام 2018، قدرت فوربس ثروته بـ 3.1 مليار دولار ليحتل المرتبة 766 في العالم، و248 بالولايات المتحدة، فيما أدرج مؤشر بلومبرج للمليارديرات صافي ثروته بـ 2.48 مليار وفي 2019، قدرت فوربس ثروته بـ3.1 مليار دولار ليحتل المرتبة 715 بين ملياردرات العالم، و259 في الولايات المتحدة.
شخصية تحظى بمثل هذا القدر من المراوغة والنصب والاحتيال حتى على كبرى وسائل الاعلام التي تتحرى الدقة في كل ما تنشره عن الثروات وخداعهم في الأرقام الخاصة بثروته هل يمكن أن يكون موثوقا به في أي أمر سياسي يمس مصالح دول ومستقبل شعوب.. استفيقوا يرحمكم الله فرجل طوال عمره كان مقامرا ومغامرا وسمسارا لن يأتي منه خيرا فكل قرار أو تصرف يصدر عنه سيخضع لمعايير الربح والخسارة ولن يمنح العرب والفلسطينيين أي ربح بل سيواصل الابتزاز والسمسرة لتوفير أكبر قدر من الحماية لتوسيع نفوذ إسرائيل «ربية البيت الأبيض».