أنا لستُ شاعراً
لأتفوَّهَ بما تبتهلُ الدنيا برؤاه
أو أفصحَ عن جرحٍ
مذبوحٍ بالصمتِ
وهذا ما يشعلُ في الأعماقِ
ناراً تسري
من أينَ للجراحِ أنْ تُغنِّي
والأيّامُ لا تفتحُ لنا باباً
أو تَمُدّ لنا كفّاً !؟
أنا أبحثُ عن مدنٍ ماطرةٍ
كي أريحَ غباري
أتلمّسُ الشفقَ
حتّىٰ أبلغَ بزوغي
هَلْ يدَّعي الحجرُ إننا ناعمون !؟
كلّا سيتصلّبُ دخاني
يتجمّدُ شعاعي
وكلّما استوحشْتُ
ذرفَ الرخامُ لأجلي أنغامَهُ الصلبةَ
أمتصُّ منهُ نشوتي
فتتراقصُ الرَشَفاتُ
هوَ الذي استطالَ
فغذَّىٰ الخامدَ مِنْ شكوكي
الشِعرُ إن لَمْ يتأوَّهُ
سيصدَأ تِباعاً
ولَهُ إشراقةٌ لا تشبهُ رتابةَ ضوئي
كيفَ أقِفُ متماسِكاً كالشرارةِ ؟
وهوَ يترسَّبُ حولَ دوائري كالنَبَراتِ
لولا أنفاسهُ
كدّتُ أختلط مع العاصفةِ
لذا أحاولُ أنْ أرفرفَ
بكُلِّ ما أملك من أجنحةٍ
وأذرفَ دمعةً نفيسةً
هذا الهمسُ يثيرُ انتباهَ الضوءِ
الذي حفّزهم فاغتالوا
أصابعَ حلمي بصراخهم البليد
فلا أرقُّ لسماعِ العبيرِ
وهوَ يمرُّ بجواري
لهُ العذرُ في الكلامِ
وليَّ العذرُ في الصمتِ
لأنَّ بخافقي جمرةَ النارِ لا تستعر
فكيفَ أكون مرسىً لكُلِّ العيونِ التي شبّتْ من رمادِ الحريقِ ؟
وكيفَ أكون كتاباً
في عالَمٍ منغلقٍ ؟
وشهاباً في زمنٍ منطفئٍ !؟
أنا لستُ بشاعرٍ
كالنهرِ الذي لا يعانقهُ الماءُ
والطواحين التي تنام
ولا تلامس الرياحُ
وجههَا المطليّ بالغبارِ
والنجم الذي لا تعرفهُ الشواطئُ
ينهضُ الشِعرُ دماً عاشقاً
ونشيداً لشفيفِ النداءِ
يُومِضُ الروحَ لتولدَ القصيدةُ
شواطِئَ مفتوحةَ الآفاق .
كَامِل عبد الحُسين الكَعْبِي
العِراقُ _ بَغْدادُ