مجدي يعقوب: أيقونة الإنسانية والعلم في مسار نحو نوبل وجامعة خالدة

بقلم بهجت العبيدى رئيس التحرير
في عالمٍ يزداد ضجيجه بصراعات لا تنتهي، يبرز الدكتور مجدي يعقوب، كحكاية نادرة تختزل في تفاصيلها معنى العطاء وتجسد قيم الإنسانية في أبهى صورها. إنه الطبيب الذي اختار أن يحمل رسالة الرحمة متجاوزًا كل الحدود، وصانع الأمل الذي أحيا قلوبًا خفقت بالحياة من جديد. ففي رحلته الطويلة، لم يكن باحثًا عن الأضواء، بل كان منشغلاً بتلك القلوب الصغيرة التي تنتظر لمسة شفاء، منشغلاً بغرس علمه في تلاميذه ليبقى العطاء مستمرًا.
إن مجدي يعقوب، الاسم الذي تحوّل إلى أيقونة عالمية في جراحة القلب، لم يسأل يومًا عن لون المريض أو دينه أو جنسيته. ففي مركزه بأسوان، حيث يلتقي الإنسان بالعلم، تتجسد أسمى معاني الإخلاص. فهناك، يُزرع الأمل في وجوه أنهكها المرض، وهناك، يُعلّم الأجيال الجديدة كيف يمكن أن يكون الطب رسالة حب وسلام. إنه الرجل الذي أدرك أن العلم بلا إنسانية كالجسد بلا روح، فصنع من علمه حياة، ومن تواضعه درسًا لمن ظنوا أن الشهرة هدف أو أن الثروة غاية.
إن اختراعاته وابتكاراته العلمية ليست إلا انعكاسًا لعقل لا يعرف التوقف، وإرادة لا ترضى إلا بالكمال. آخر اختراعاته الباهرة، جهاز “الضاغط الأبهر التاجي المصغر” (Miniature Aortic Pressure Compressor) والذي يُعد طفرة في مجال علاج الجراحات المعقدة للقلب، حظى بإشادة الأوساط الطبية العالمية. إن هذا الجهاز المتطور يسهم في تحسين كفاءة العمليات الجراحية وتقليل معدلات المضاعفات، مما يجعله إنجازًا عظيمًا في علم الطب.
ومع ذلك، لا يزال الدكتور يعقوب متواضعًا، رافضًا أن يقف عند إنجازٍ واحد، مؤمنًا بأن التعليم ونقل الخبرة هما السبيل لتخليد الرسالة. ومع كل هذا العطاء، لم يسلم من محاولات النيل منه. فهناك من نصبوا أنفسهم أوصياء على الجنة والنار، وأطلقوا أحكامهم الجائرة عليه، وكأنهم امتلكوا مفاتيح الغيب. لكن الحقيقة أن هؤلاء لم يروا ما هو أبعد من أفكارهم الضيقة. لقد غاب عنهم أن الله، العدل والرحيم، هو وحده الذي يحاسب عباده، وأن أعمال الخير والرحمة التي يزرعها يعقوب في كل مكان لا يمكن أن تغفلها عين السماء. هنا، يقف صوت العقل، ممثلًا في علماء الإسلام المعتدلين مثل الشيخ علي جمعة، ليؤكد أن الحساب لله وحده، وأن العلم والعمل الصالح هما من أعظم القربات إلى الله.
إن اسم مجدي يعقوب يستحق أن يُخلد بأكثر من كلمات شكر. إن مصر، التي قدمت للعالم هذا الرجل العظيم، مطالبة اليوم بتكريمه بما يليق بمكانته. فإنشاء جامعة تحمل اسمه سيكون خطوة ملهمة تضعه في مصاف العلماء العظماء الذين خلدت الأمم أسماءهم بإطلاقها على مؤسسات علمية كبرى، مثل جامعة هومبولت في ألمانيا، التي تحمل اسم ألكسندر وفيلهلم فون هومبولت، ومعهد ماكس بلانك الذي يكرم أحد أعلام الفيزياء الحديثة، أو جامعة بيير وماري كوري في فرنسا التي خلدت رمزين من رموز البحث العلمي. إن تكريم مجدي يعقوب بهذه الطريقة لن يكون مجرد تخليد لاسمه، بل رسالة اعتراف وامتنان لكل إنسان آمن بأن العلم يمكن أن يكون جسراً نحو السلام والمحبة.
بصفتي الشخصية، وككاتب يعبر عن نبض قلوب الملايين العاشقين لطبيب القلوب، وبالنيابة عن كل من يقدر جهود الدكتور مجدي يعقوب، فإننا نرفع أصواتنا بأمنية صادقة أن يُمنح هذا العالم الجليل جائزة نوبل في الطب. إن هذا التكريم العالمي لن يكون مجرد تقدير لإنجازاته الطبية الفريدة، بل اعترافًا بإنسانيته العظيمة وإسهاماته التي تجاوزت حدود العلم لتلامس جوهر الإنسانية ذاتها.
لقد أثبت الدكتور مجدي يعقوب، من خلال مسيرته الممتدة، أن الطب ليس مجرد مهنة، بل رسالة سامية تعبر الحواجز الجغرافية والثقافية والاقتصادية، لتصل إلى كل محتاج دون تفرقة. إن إنجازاته الرائدة في علاج أمراض القلب وإنقاذ حياة آلاف الأطفال حول العالم، تجعل اسمه رمزًا عالميًا للعطاء العلمي والإنساني.
إن منح جائزة نوبل لهذا الطبيب الإنسان لن يكون فقط تتويجًا لمسيرته الاستثنائية، بل رسالة إلى العالم بأن الجهود النبيلة التي تهدف إلى تحسين حياة البشر تستحق التقدير الأسمى. نحن على يقين أن هذا الاسم العظيم، الذي حمله علمه ليعبر جميع الحواجز، يستحق أن يصدح على منصة نوبل، تأكيدًا على أن العالم لا يزال يقدر العطاء الجليل والإنسانية السامية.