اقتصادمقالات

الطيور المصرية المهاجرة بين المطرقة والسندان

هل يدفع المغترب المصري ضريبة فوضى قطاع الاتصالات في مصر؟

إكرامي هاشم

أثار القرار الأخير للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بفرض رسوم جمركية على الهواتف المحمولة التي يحملها المغتربون المصريون عند عودتهم إلى الوطن، موجة من الغضب والاستياء. امتلأت صفحات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالمصريين في الخارج بمشاركات تعبر عن رفض القرار، الذي وصفه كثيرون بالعشوائي وغير المدروس، ورأوا فيه عبئًا إضافيًا على كاهلهم.

قطاع بلا حماية ولا تقدير

يبدو أن المصريين في الخارج باتوا على موعد سنوي مع قرارات جديدة تزيد من غربتهم داخل وطنهم. بدلًا من توفير المزايا والتسهيلات التي تحفزهم على تعزيز ارتباطهم بالوطن، تبرز قرارات تعمّق الفجوة بينهم وبين الدولة. هذه الشريحة التي تعتبر عمودًا أساسيًا في الاقتصاد المصري تُعامل وكأنها عبء، رغم أنها مصدر رئيسي للعملة الصعبة التي يحتاجها الاقتصاد بشدة.

أرقام لا تكذب

بحسب الإحصاءات الرسمية:
• يبلغ عدد المصريين في الخارج نحو 14 مليون نسمة.
• بلغت تحويلاتهم خلال عام 2024 نحو 24 مليار دولار.
• تمثل هذه التحويلات حوالي 8% من الناتج المحلي الإجمالي.

هذه الأرقام تؤكد أن المصريين في الخارج هم ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، ومصدر مستدام للعملة الصعبة. ومع ذلك، يبدو أن بعض السياسات تتجاهل أهمية هذا القطاع وتستهدفه بقرارات تزيد من أعبائه.

قرارات تزيد من الغضب

قرار فرض الرسوم الجمركية على الهواتف المحمولة ليس الأول من نوعه. فمنذ إلغاء وزارة الهجرة ودمجها في وزارة الخارجية العام الماضي، يعاني المصريون في الخارج من شعور بالتهميش. كذلك جاء فرض رسوم بالدولار لتجديد جوازات سفر القُصّر بحجة مواجهة الهجرة غير الشرعية ليعمّق الأزمة. إلى جانب ذلك، لا تزال التكاليف الباهظة للمعاملات القنصلية تؤرق المغتربين، مما يعكس غياب رؤية استراتيجية لمعالجة قضاياهم.

بين الغربة والوطن

ما يزيد الطين بلّة هو غياب قنوات الحوار بين الدولة والمغتربين. لا يُشرك المصريون في الخارج في القرارات التي تمس حياتهم، ولا تُطرح قضاياهم بشكل جاد على طاولة النقاش. أين دور نواب البرلمان عن المصريين في الخارج؟ وأين تنفيذ الوعود الانتخابية التي تضمنها برنامج الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأنهم؟ هذه الأسئلة تعكس حالة من الإحباط والشكوك حول ما إذا كانت الدولة تدرك حقًا أهمية هذا القطاع.

الحلول الممكنة
1. إعادة النظر في القرارات الأخيرة: مراجعة الرسوم المفروضة على الهواتف المحمولة وغيرها من الأعباء غير المبررة.
2. تطوير الخدمات القنصلية: تحسين جودة الخدمات القنصلية وتقليل تكاليفها بما يعكس تقدير الدولة لأبنائها.
3. إنشاء منصة للحوار: تأسيس لجنة وطنية دائمة لشؤون المصريين في الخارج، تعمل كحلقة وصل بينهم وبين الحكومة.
4. تقديم حوافز مشجعة: بدلاً من فرض أعباء، يمكن تقديم تسهيلات للمغتربين لتحفيزهم على زيادة تحويلاتهم ودعم الاقتصاد الوطني.

نداء أخير

إن تجاهل هذا القطاع الحيوي ليس في مصلحة الوطن، بل هو خسارة كبرى على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. المغتربون المصريون ليسوا مجرد مصدر للعملة الصعبة، بل هم سفراء للوطن وقوة ناعمة يُمكن أن تعزز مكانة مصر دوليًا. لهذا، نناشد دولة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ونتوجه بنداء إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، للتدخل من أجل حماية حقوق المصريين في الخارج، وضمان تعزيز ارتباطهم بوطنهم بدلًا من تعميق غربتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى