بيان الحزب الشيوعي العمالي العراقي حول سقوط نظام الأسد في سورية
في اليوم الثامن من كانون الأول ٢٠٢٤ تم الإعلان عن رحيل بشار الأسد وسقوط نظامه بعد دخول فصائل مسلحة بقيادة جبهة تحرير الشام الإسلامية المعروفة بجبهة النصرة-القاعدة الى العاصمة دمشق، دون أي مقاومة جدية تذكر، منذ هجومها في اليوم السابع والعشرين من شهر تشرين الثاني ٢٠٢٤ على مدينة ادلب وحلب ثم باقي المدن السورية.
لا شك كان النظام بشار الأسد نظام استبداديا ودمويا، نظاما عرف عنه بقمع المعارضين السياسيين وممارسة شتى أنواع التنكيل والتعذيب والاعدامات والقتل والابادة الجماعية، كان نظاما فاسدا بالمعنى المطلق، نظاما قوميا فاشيا، استخدم نسبة كبيرة منمدخرات وموارد المجتمع السوري لتشييد السجون والمعتقلات وبناء المؤسسة العسكرية والأمنية والمخابراتية من اجل البقاء وتخليد ابدية سلطته وسلطة حزبه البعث. ورافق القمع والتنكيل، افقار الجماهيروسرقة ثرواته وسلب مقدراته. ولعب نظام الاسد دورا كبيرا في تصدير العصابات الإسلامية من عناصر القاعدة الى العراق خلال فترة الغزو والاحتلال لارتكاب الاعمال الاجرامية الانتحارية بحق جماهير العراق التي ذهب ضحيتها المئات من العمال والنساء والشباب والاطفال، تحت ذريعة مواجهة مشروع “الاحتلال الامريكي والمؤامرة الصهيونية”. وقد قايض هذا النظام المقبور الطبقة العاملة وعموم جماهير سورية، بعد هبوب نسيم الثورتين التونسية والمصرية على المنطقة في عام ٢٠١١، اما الأمان مع العيش تحت وطأة الفقر والذل والاذعان، او الحرب الاهلية وإطلاقيد الجماعات الطائفية والإسلامية الإرهابية للتنكيل بها.
الا ان سقوط هذا النظام الدموي الذي يفتح نافذة نحو الحرية ومستقبل مشرق بالنسبة لجماهير سورية، لم يكن نتيجة ثورة جماهيرية تحريرية، كما يروج لها المتوهمين ويسمونها “بالثورة السورية”، او كما تصورها الابواق الاعلامية الغربية، للتغطية على كل جرائم المخابرات الفرنسية والأمريكية والبريطانية والألمانية والتركية في سورية طوال أكثر من عقد من الزمن. ان هروب الأسد وسقوط نظامه جاء على إثر الصراعات الإقليمية والدولية وحربها الوكالة على الجغرافية السورية ودعمها للقوى الرجعية المحلية التي وصلت اليوم الى العاصمة وسيطرت على دفة السلطة.
ان تبوء جماعات إسلامية إرهابية للمشهد السياسي في سورية مثل “هيئة تحرير الشام“ التي اشتهرت بمجازرها بحق معارضيها في ادلب والمناطق التي سيطرت عليها، وتلطيف صورتها وتسويقها الى جماهير سورية والعالم من قبل القوى الامبريالية والرجعية الإقليمية بزعامة تركيا والولايات المتحدة الامريكية، تضع مستقبل المدنية والتحضر والحريات الفردية والسياسية والرفاه في سورية في غياهب المجهول.
وعلى الجانب الاخر ان سقوط نظام الأسد سدد ضربة كبيرة الى النفوذ الإيراني في سورية والمنطقة لحساب النفوذ الإسرائيلي والتركي، ليرسم معادلات سياسية جديدة تترك تداعياتها على المنطقة. بيد ان استبدال هذين النفوذين بالآخر، لا يأمل منه أي خير، ولا يعني ابدا ان شمس الحرية والأمان وتعريف الانسان بهويته الانسانية ستشرق على المنطقة. وان ما آلت اليه الأوضاع الحالية في سورية تفتح المجال لاحتمالات عديدة وخطيرة ومصير مجهول، منها افغنة سورية او وضعها في مصير حرب أهلية من جديد تتقاذفها الصراعات الإقليمية والدولية من اجل مصالحها الجيوسياسية.
ان الحزب الشيوعي العمالي العراقي في الوقت الذي يرى ان سقوط نظام دموي ووحشي مثل نظام الأسد هو مكسب للجماهير التحررية في سورية اذا ما استطاعت استغلالها، في الوقت ذاته يحذر جماهير سورية بقواها التحررية والمدنية والعلمانية والشيوعية والطبقة العاملة في سورية من الوقوع في فخ انتظار ان تفتح سماء القوى الإقليمية والدولية سواء الغربية او روسية او تركية، وتمطر عليها الحرية والأمان والرفاه، فجميعها دون استثناء هي من ساهمت بتدمير كل مقدرات جماهير سوريا وسلبت ارادتها الثورية، ودعمت بأشكال مختلفة النظام الوحشي القوميواستمراره بالتسلط على رقاب الجماهير. وان القوى التحررية بعمالها ونسائها وتحرريها في سورية الوحيدة القادرة على تفويت الفرصة في افغنة سورية او في اشعال حرب أهلية جديدة، اذا ما فصلت نفسها عن افاق تلك القوى الرجعية المحلية والإقليمية والدولية ولعبت دورها في رسم مصيرها بنفسها.
كما ويعلن الحزب الشيوعي العمالي العراقي بوقوفه الى جانب الطبقة العاملة في سورية وجماهيرها التحررية في نضالها من اجل الحرية والأمان والرفاه.
٩ كانون الأول ٢٠٢٤