صك الهجر
شعر / محمد عبد الجواد
يا كاتب التاريخ افتح صفحتي
دون وسجل فيها هول مأساتي
خمسون عاما أو يزيد احتفظ ببراءتي
ودفعت ثمنا باهظا عوضا عن حماقاتي
جعلت قلبي مسكنا للعابرين يظلهم
جعلوه فرش متاع وما صانوا لي حرماتي
وصنعت من روحي دواءا شافيا
فهدموا محرابي وما راعوا صلاواتى
وشكوت للحزن ما فعلوا وما صنعوا
فبكى كسير القلب من زفرات أناتي
وكم داويت جراحا ملأت نفوسهم
وكم انتشلت ضحايا من بئر الخيانات
وكم زرعت ورودا في صحراء جهلهم
فداسوا عبير الورد وزادوا من عناءاتي
وأثقلوا كاهلي بالهم والألم
وصموا أذانهم ما سمعوا نداءاتي
وعيروني وعابوني على صبري
وصدروا لي دواوين البذاءات
شاهت وجوه الشامتين العابثين بجهلهم
أيعاب نسر يحلق في السماوات
كم كنت أسعى أداوي الجرح منفردا
نكروا جميلي وجردوني من كراماتي
يا من نثرت بذور الشر عن عمد
لا تنتظر مسرات تنبت من عداءات
الغدر سيف مزروع بخاصرتي
والصبر ترياقي والصدق منجاتي
الكل باع فضاع بين أوردتي
والويل كل الويل لمن استباح دمعاتي
قسما سأحيا رغم الحزن منتشيا
أدون بالفخر تواريخ انتصاراتي
لا تحسبن بأن الصبر يقلقني
كم كان صبري معينا حتى ذهاب ذلاتي
يا من زرعت اليأس عمدا بين أوردتي
وحاولت دوما بخبث قص جناحاتي
كما جاد قلبي بغفران لمن يذنب
والآن حان الوقت لاسترداد قواتي
يا من كتبت صك الهجر عن عجل
كم كنت متعجلا قطف النهايات
وأنا العزيز أتيت اليوم معتذرا
عن حلمي عن صبري عليك عن مواساتي
كم كان قلبي شراعا في بحر الصدق يتحدى
فمزقته رياح الغدر وهذا جل مأساتي