خصائص وسمات الهوية المصرية
خصائص وسمات الهوية المصرية
نقلا مجلة السياسة الدولية
نعم نستطيع، نعم نستطيع، ولكن هم دائما أبدا يجزمون بل يؤمنون بأننا لن نستطيع.
والسؤال هنا: لماذا نواجه وعلى مدار العصور ومنذ بدء الخليقة وحتى هذه اللحظة، تحديات جساما؟ وهل معنى ذلك أننا كأمة فقط من تواجه تحديات وصعابا ومخاطر أم أننا نشترك مع باقى الأمم فى المصير نفسه؟
والإجابة التى قد تبدو للوهلة الأولى أنها بسيطة وسهلة، ولكنها بالنظرة المتعمقة والمتفحصة ليست بهذه السهولة بل على العكس، تحتاج إلى الفهم الدقيق لملامح الشخصية المصرية الثرية جدا التى تمتد بعمقها إلى أكثر من 7000 سنة من عمر هذا الكون.
ولكى يجزم الآخر بأننا لا نستطيع، طوال هذه المدة الزمنية التى تصل إلى 5000 سنة من التاريخ المدون والمكتوب، كان لزاما علينا أن نفتش وندرس الهوية المصرية بكل أبعادها وأطوارها مرورا بكل عصور الدولة المصرية.
وكلما أمعنا النظر فى أى من تلك الأزمات والتحديات وجدنا أننا نستطيع، وليس هذا فحسب بل إننا قادرون بشكل يبهر الآخر، ويدهشنا نحن أيضا، ولنا فى عبور القناة بالقوارب وإزالة الساتر الترابى الضخم بمدفع مياه وتحطيم خط بارليف المنيع مثال واضح.
إذن،لماذا كل هذه التحديات التى توالت علينا منذ فجر التاريخ؟ ولماذا يتحدوننا بكل ما لديهم من قوة غاشمة وقدرة هائلة؟ لكننا دائما وأبدا ننتصر حتى إن طالت المدة الزمنية التى وصلت فى بعض الأحيان إلى مئات السنين، والتى تبدو فترات طويلة، ولكنها فى عمر الشعوب ليست كذلك. وفى النهاية ذهبوا إلى زوال أو شتات أو انحدار، واستمرت مصر باقية ولم تتغير بل إنه على مدار الزمان، واجهنا هجمات ضخمة وشرسة جدا متعددة ومختلفة الديانات والأيديولوجيات والثقافات، واستمر المصرى فى مكانه على جانبى نهر النيل العظيم.
لماذا نحن مستمرون ومن واجه التحديات نفسها انصهر فيها وفقد هويته وضاع من ضاع واندمج مع الآخر من اندمج وتفتت شعوب وقبائل وانهارت أمم؟!
هذا التساؤل يقودنا ولا شك إلى الحديث عن بعض من الصراعات والتحديات، وليست كلها بداية من أحمس والهكسوس والنزاع المصرى – الفارسى والصدام المغولى والحملات الصليبية والغزو العثمانى والحملة الفرنسية والاحتلال الإنجليزى والصراع المصرى – الإسرائيلى نهاية بمحور أهل الشر، وعلى هذا فإن الشخصية المصرية التى تتسم بالجلد والصبر والقوة والقدرة على التحمل والاحتفاظ بالصبغة المصرية التى تكونت من خلال سبعة انتماءات (طبقات) وهى: مصر القديمة، اليوناني- الرومانى، القبطى، العربى، الإسلامى، البحر المتوسط، الإفريقى، مثلت تلك الانتماءات (الطبقات)الهوية المصرية الضاربة بأعماقها فى جذور التاريخ .
ولابد لنا، قبل الشروع فى استعراض ما مرت به مصر من أحداث جسام أظهر فيها الإنسان المصرى هويته التى نحن بصددها، من أن نلقى نظرة على موقع مصر الجغرافى لنتفهما معا.
أين تقع مصر:
– مصر إفريقية، بالموضع متوسطية، بالموقع آسيوية، تقع بالجغرافيا فى إفريقيا وتمتُّ إلى آسيا بالتاريخ وتقترب من أوروبا.
– هى الأرض الوحيدة التى يجتمع فيها البحران المتوسط – الأحمر، الأول هو قلب البحار وبحر الأنهار، والثانى بحر بلا أنهار ولكنه بطوله وامتداده كالنهر بين البحار.
– إذن، مصر هى مجمع اليابس ومفرق البحار، أرض الزاوية فى العالم القديم، قلب الأرض ومتوسطة الدنيا (المقريزى).
– هى الدولة الوحيدة التى تمثل التقاء النيل بالبحر المتوسط، لقاء أبى الأنهار وسيد البحار، مهد الفلاحة ومدرسة الملاحة نهر الحضارة وبحر التاريخ.
– لمصر أربعة أبعاد إقليمية تجسم وتختزل توجيهها الجغرافى بدقة وحساسية، وهى: بعدان قاريان (الإفريقى والآسيوى) ويجعلها إفريقاسية، وبعدان إقليميان (النيلى والمتوسطى) ويجعلها أورإفريقى.
– مصر إفريقية بالأرض والماء، وقوقازية أوروبية بجنسها ودمائها، فهى قطعة من إفريقيا وبضعة من أوروبا فى إفريقيا وليست منها أوروبية وليست فيها آسيوية التوجيه والتاريخ والتأثير والمحصلة.
– ولذا، فإن مصر نصف أوروبية، ثلث أسيوية، سدس إفريقية، فمن داخلها تبدأ أوروبا من الإسكندرية، وآسيا من عند القاهرة، وإفريقيا من أسوان (الدكتور جمال حمدان).
– مصر فرعونية الجد، ولكنها عربية بالخال، وعلى الرغم من أن الإسلام والتعريب يمثلان أهم وأخطر انقطاع فى الاستمرارية المصرية فإنه لا يمثل ازدواجية بل يمثل ثنائية، فلا تعارض ولا استقطاب بين المصرية والعربية بل يمثلان معا نسيجا قوميا واحدا.
– اسمحوا لى باستعراض انتماءات (طبقات) الشخصية المصرية:
الشخصية المصرية من أقدم الشخصيات على وجه الأرض وتتكون من عدة طبقات، كما وصفها الدكتور الراحل ميلاد حنا يصل عددها إلى (٧) أربعة منها تاريخية والباقى جغرافية وهى:
1 – الانتماء (الطبقة) الفرعونى :
يمتد التاريخ الفرعونى إلى ما يقرب من ٥٠٠٠ سنة ق م شاملة حضارة ما قبل الأسرات على أن الحقبة الفرعونية المسجلة والمعروفة باسم ملوكها تمتد إلى ۳٠٠٠ سنة ق م.
– العصر العتيق:
يمتد إلى ۳۲٠ عاما من ۲١٠٠– ۲۲٧٨ق م، ويشمل الأسرتين الأولى والثانية ويبدأ العصر بالملك نارمر (مينا) موحد القطرين مؤسس القلعة البيضاء عاصمة له التى عرفت فيما بعد بمدينة منف.
– عصر الدولة القديمة (بناة الأهرام):
يمتد إلى نحو ٥٠٠ عام من ۲٧٧٨ –۲۲٦۳ ق م، ويشمل الأسرات الثالثة والرابعة
والخامسة و السادسة، وأشهر ملوك هذه الحقبة الملوك ( زوسر / الأسرة ۳ – خوفو- خفرع / الأسرة ٤).
– عصر الانتقال الأول:
يمتد إلى نحو ١٠٠ سنة من ۲۲٦۳ – ۲١٦٠ ق م، ويشمل الأسرات من السابعة إلى العاشرة، وتمثل حقبة تفكك الحكم وغياب القبضة المركزية الفرعونية.
– عصر الدولة الوسطى:
ويمتد إلى نحو ۳٧٥ سنة من ۲١٦٠ –١٧٨٥ ق م، ويشمل الأسرتين ١١ و ١۲ حيث استقرت الأمور وتوحدت الدولة، ومن أشهر الملوك الملك حبت رع (منتوحتب الثانى) .
– عصر الانتقال الثانى:
ويمتد إلى نحو ۲٠٠ عام من ١٧٨٥ –١٥٨٠ ق م، ويشمل الأسرات من ١۳ –١٧ وشهد احتلال الهكسوس للدلتا والجزء الشمالى من مصر، وقد بدأ الكفاح ضد الهكسوس من أيام حكم الملك سقنن رع ثالث ملوك الأسرة ١٧ وتبعه ابنه كامس، ثم شقيقه أحمس الذى طرد الهكسوس وأسس الأسرة ١٨ وبداية العهد الإمبراطورى.
– عصر الدولة الحديثة :
وتمتد هذه الفترة نحو ٥٠٠ سنة من ١٥٨٠ – ١٠٨٥ ق م، وتشمل الأسرات من ١٨ وحتى ۲٠، ولعل هذه الفترة أكثر فترات مصر الفرعونية ازدهارا فى شتى مناحى الحياة، ومن أشهر الملوك أحمس الأول وتحتمس الأول والثانى ثم حتشبسوت ثم الملك الجبار تحتمس الثالث وإخناتون ورمسيس وسيتى أو ما يسمى بعهد الرعامسة.
– عصر الدولة المتأخر (عصر الغزوات تمهيداً للتبعية):
– مثل الرعامسة، التسعة الأخيرون، الأسرة ۲٠ حالةً من الضعف والترهل حتى تفككت الإمبراطورية، ومع بداية عام ١٠٨٥ ق م بدأت الأسرة ۲١ ومعها بدأت حقبة من الاضمحلال شملت حكم الأسرات من ۲١ إلى ۲٥ تخللها حكم الليبيين والأشوريين والنوبيين وذلك حتى حكم الأسرة ۲٥ النوبية.
– ومع بداية حكم فرعون مصر بسماتيك الأول من عام ٦٦۳ -٦٠٩ ق م وطرد الأشوريين شمال والنوبيين جنوبا وأسس الأسرة ۲٦.
– وفى عام ٥۲٥ ق م غزا قمبيز ملك الفرس مصر، ودمر مدينة منف وأسس لحكم الفرس لمدة ١۲٠ عاما، مشكلا الأسرة ۲٧ التى دام حكمها لمصر حتى عام ٤٠٤ ق م.
– أما الأسرات ۲٨ –۳٠ فكانت لحكام وملوك مصريين يجاهدون من أجل استقلال البلاد، ومع حكم الملك نقطانب الثانى ۳٥٩ – ۳٤١ ق م آخر فراعين مصر من الأسرة ۳٠ غزا الفرس مصر، مرة أخرى ولم يستمروا طويلا، ففى عام ۳۳۲ ق م فتح الإسكندر الأكبر مصر وانتهت بذلك حقبة الفراعنة أو طبقة الانتماء الفرعونى.
2– الانتماء اليونانى – الرومانى:
– قام الإسكندر الأكبر بفتح مصر فى عام ۳۳۲ ق م دون مقاومة، وغادر الإسكندرية عام ۳۳١ ق م ليواصل حروبه ضد الفرس حتى وفاته عام ۳۲۳ ق م، وقسمت الإمبراطورية المقدونية بين قادة الإسكندر وكانت مصر من نصيب بطليموس مؤسس حكم البطالمة من ۳۲۳– ۳٠ ق م.
– استمر حكم البطالمة من بطليموس الأول حتى الثانى عشر، ومع توالى السنين ضمر نفوذ البطالمة حتى إن بطليموس الثانى عشر ٨٠ -٥١ ق م قبِلَ بدفع نصف دخل مصر إلى يوليوس قيصر لكيلا يقوم بغزو مصر.
– بانتصار أوكتافيوس على أنطونيوس فى موقعة أكتيوم البحرية عام ۳١ ق م ودخوله الإسكندرية عام ۳٠ ق م انهارت دولة البطالمة، وأصبحت مصر ولاية تابعة للإمبراطورية الرومانية، وفى فترة حكم الإمبراطور نيرون ٥٤- ٦٨ م جاء إلى مصر القديس مرقس وبشر بالمسيحية فى الإسكندرية.
– انتشرت المسيحية كديانة آمن بها المصريون، وقام الرومان باضطهادهم حتى بلغ الاضطهاد مداه فى عصر الإمبراطور دقلديانوس الذى نصِّب عام ۲٨٤ م حتى أطلق عليه عصر الشهداء.
– امتزجت الحضارة الفرعونية باليونانية والرومانية، فأخذ اليونانيون ومن بعدهم الرومان عن المصريين كل العلوم المصرية القديمة، مثل الفلك والعمارة والطب وانتقلت الحضارة المصرية القديمة إلى أوروبا عبر البوابة اليونانية.
– قام المصريون بإعادة كتابة اللغة المصرية القديمة الهيروغليفية بالحروف الإغريقية، مستعينين بسبعة حروف إضافية من الهيروغليفية مكونة اللغة القبطية، وذلك خلال القرنين ۲ و ۳ ق م، بالإضافة إلى دخول المسيحية مصر فى القرن الأول الميلادى، وبهذا تكون مصر غيرت اللغة والديانة، مسجلة التغيير الأساسى الأول للمصريين وأحد معالم الشخصية المصرية.
3 – الانتماء القبطى:
أخذت مصر فى تلك الحقبة معلما وشكلا حضاريا جديدا، فاللغة تغيرت إلى اللغة القبطية والديانة تغيرت لاحقا إلى المسيحية، وعلى الرغم من أن مصر كانت ولاية تابعة سياسيا إلى الدولة البيزنطية فإنها كانت موطنًا لحضارة من نوع جديد؛ حيث أدت مصر دورا مهما جدا فى صياغة المسيحية فى العالم، ومن أبرز ما قامت به:
– إنشاء مدرسة الإسكندرية اللاهوتية، حيث أسهمت فى إمداد العالم المسيحى بعلماء على
مستوى عال جدا من الحكمة والمعرفة.
– اختراع الرهبنة فلم يسبق المصريين أحد فى هذا الفكر من قبل (فكر تصوفى
مصرى مسيحي).
– كنيسة مناضلة لا تبغى ولا تسعى إلى سلطة على مر العصور.
4 – الانتماء الإسلامى :
– فى عام ٦١٤ م دخلت القوات العربية الإسلامية بقيادة عمرو بن العاص مصر، قبطية اللغة مسيحية الديانة والمضطهد شعبها من قبل الدولة البيزنطية الحاكمة، ولذا رحب المصريون بالفتح الإسلامى.
-استمرت مصر ولاية تابعة لسلطة الحكم المركزى الإسلامى ممثلة فى المدينة- الكوفة- دمشق – بغداد، وتعاقب عليها الولاة حتى بلغ عددهم ۲٥ واليا أمويا و٩٦ واليا عباسيا منهم عبد الله بن عبد الملك ٧٠٥ – ٧٠٩ م الذى أصدر أمرا أن تكون المحررات فى الدواوين باللغة العربية بدلا من القبطية، ومن هنا بدأ التحول إلى اللغة العربية وتدريجيا اعتنق المصريون الإسلام.
-تحولت القاهرة إلى العاصمة التى تحمل لواء الإسلام فى عهد الدولة الأيوبية ثم دولة المماليك إلى أن حدث الاحتلال العثمانى عام ١٥١٧ م وانتقل لواء الدفاع عن الإسلام إلى الأستانة.
5-الانتماء العربى (بحكم المكان) :
-من الثابت تاريخياً فى عصر الأسرات الفرعونية من نقوش وكتابات أن بعض القبائل العربية فى حدود عام ۲٠٠٠ ق م كانت تسكن الصحراء الشرقية وجبال سيناء وحتى فلسطين.
– بعد الفتح العربى شهدت البلاد مرحلة نشيطة من هجرات القبائل العربية (الأولى أتت
مع الفتح العربى – الثانية سياسة مخططة من الأمويين – الثالثة فى عهد الخليفة العباسى المتوكل – الرابعة فى العهد الفاطمى من المغرب “قبائل من البربر”) .
-فى رأى العالم الأثرى المصرى أحمد كمال والمؤرخ المصرى سليم حسن أن نسبة ٦٥% على الأقل من اللغة المصرية القديمة تتشابه مع اللغة السامية العربية، وأن هذه الجذور المشتركة هى التفسير للكثير من المفردات والتعبيرات الدارجة فى عصرنا الحالى.
6 – الانتماء المصرى للبحر المتوسط :
– إضافة إلى الحقبتين ( الفرعونية -اليونانية /الرومانية) برز ذلك الانتماء فى العصر الحديث مع الحملة الفرنسية عام 1798التى كانت لها آثار ثقافية بعيدة المدى وذلك لما صاحبها من علماء ومتخصصين أسهموا باكتشافات مهمة جدا “حجر رشيد – كتاب وصف مصر- ……” .
– إرسال محمد على باشا والى مصر العديد من المصريين فى بعثات إلى أوروبا لمحاولة اللحاق بعصر النهضة، ونتيجة مباشرة لهذا المناخ أنشأ أحمد لطفى السيد فيما بعد حزب الأمة (شعاره مصر للمصريين) تماشيا مع بروز فكرة القومية فى أغلب بلدان أوروبا.
– امتداد التأثير إلى طه حسين كأول من قال إن هناك أعمدة متعددة (طبقات) أو انتماءات للثقافة المصرية.
– هجرة العديد من اليونانيين والإيطاليين والأرمن إلى مصر وانصهارهم فى المجتمع المصرى إلى حد الحضور كشخصيات فكاهية مسرحية تعبر عن يونانى متمصر يعيش فى النسيج المصرى.
7 – الانتماء المصرى إفريقيا:
– مازالت هناك النظرة الإفريقية السلبية التى تفرق بين الشعوب فى شمال إفريقيا وقلبها وجنوبها.
– لمصر وضع خاص فى أغلب دول القارة كنتيجة مباشرة للمساعدات الهائلة (سياسياً ً- اقتصاديا – عسكريا) لحركات التحرر الوطنى فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى.
– القدرة المصرية الكبيرة “حاليا” على تنفيذ المشروعات الاقتصادية الكبرى بالدول الإفريقية وبالتحديد دول حوض النيل ( تنزانيا – الكونغو – جنوب السودان – ….) .
إذن، فلقد توفرت للشخصية المصرية عوامل جغرافية (بحكم المكان) وعوامل تاريخية (بحكم الزمان) أفرزت ولاشك هوية متفردة غير مسبوقة وصبغة نادرة الوجود.
– خصائص الهوية المصرية:
– سبعة انتماءات “طبقات” للشخصية المصرية أربعة منها حضارية والباقى مكانية (بحكم الموقع) أعطت ميزة ونكهة خاصة بل فريدة للشخصية المصرية، وإن كانت كل شخصية تختلف عن مثيلتها فى حجم وأبعاد كل انتماء أو طبقة من الطبقات السبع بداخلها.
– الانتماء الدينى قوى وراسخ عند المصرى سواء كان مسلما أو مسيحيا، لذا فالطبقتان قويتان ومسيطرتان على الشخصية المصرية.
– تمتلك مصر حضارات مختلفة ومتباينة، ولكنها متصلة ومتداخلة وصبغت الشخصية المصرية بصبغات وأشكال مختلفة.
– تفرد مصر بالعلاقة بين الزمان والمكان؛ حيث إن مصر البحر أوسطية قد أفرخت تراث الحقبة اليونانية – الرومانية بينما مصر العربية حصاد مصر الإسلامية.
– تفرد مصر بالحضارة الفرعونية دون سواها من العالم.
– لكل إقليم بمصر بعض الخصائص التى تؤكد قربه من أحد الانتماءات (الطبقات) دون الأخرى، فأهالى أسوان قريبون من أهالى السودان الأقرب إلى سكان إفريقيا، بينما سكان الإسكندرية – بورسعيد متشابهون مع سكان أثينا – بيريه باليونان حيث تلمس الحقبة اليونانية – الرومانية، فى حين أن بدو سيناء لهم عادات وأصول عربية تلمسها فى زيهم وطريقة نطقهم لبعض الحروف.
– نتيجة تنوع وثراء وضخامة المخزون الحضارى للشخصية المصرية استطاعت الدولة المصرية ممثلة فى القائد السياسى على مر العصور الاستعانة بطبقة معينة من طبقات الشخصية المصرية، بمعنى أن النغمة السائدة أيام ثورة عرابى وحتى ثورة يوليو كانت “مصر للمصريين” (الانتماء الفرعونى) بينما أيام حكم عبد الناصر كانت الطبقة الأبرز هى الانتماء العربى من خلال القومية العربية، فى حين قام السادات بدفع الانتماء الإسلامى لضرب القومية العربية.
– وللدلالة على ذلك أنه عقب توقيع معاهدة كامب ديفيد فى عام 1979تم طرد مصر من الجامعة العربية بهدف عزلها، وعلى الرغم من ذلك استطاعت مصر البقاء على الساحة الدولية بفضل تقوية الروابط مع كل دول البحر المتوسط والدول الإفريقية (تعزيز الانتماء “للبحر المتوسط – الإفريقى”).
– تنوع وثراء مكونات الشخصية المصرية إلى الحد الذى بلغ معه سبعة انتماءات (طبقات)، فى حين أنه بنظرة إلى من حولنا من الدول والأمم نجد أنها لا تمتلك على أقصى تقدير أكثر من طبقتين أو ثلاثة.
– لم يغير المصرى لغته أو ديانته إلا مع المسيحية التى لولا مصر والمصريون لما كانت على ما هى عليه الآن، ثم مع الإسلام، ولا يتسع المقام هنا لسرد ماذا فعلت مصر والمصريين للدفاع عن الإسلام ونصرته.
– بنظرة متأنية لتاريخ مصر الطويل ورصيدها الهائل الضخم؛ حيث تبلغ مصر من العمر المكتوب والمسجل ما يقرب من ٥٠٠٠ سنة قضت منها ۳٠٠٠ عام وهى دولة ومملكة وإمبراطورية وتسود العالم القديم فى أوج فترات قوتها وازدهارها، وفى عز فترات ضعفها وانهيارها كانت هى محور الدنيا القديمة والآخرون تابعين لها حتى فى فترات الاحتلال كانوا واقعين تحت تأثيرها الثقافى والحضارى برغم كونهم غزاة.
– باقى الفترة الزمنية ومدتها ۲٠٠٠ عام قضتها مصر كولاية تابعة لإمبراطوريات عديدة وأجناس متعددة الثقافات والحضارات، إلا أن مصر وفى عز تبعيتها للآخرين كان لها وضع خاص ومتفرد يكاد يكون شبه مستقل كولاية فى عهد ]البطالمة – العباسيين “الطولونيين – الإخشيديين”[وكدولة فى عهد ]الفاطميين – الأيوبيين – المماليك[وكإمبراطورية فى عهد العثمانيين وكمملكة شبه مستقلة إبان الاحتلال الإنجليزى.
– فرعونى + يونانى /رومانى + مسيحى + مسلم + عربى + بحر متوسط + إفريقى = مصرى ١٠٠%
– إذا نظرنا إلى عصرنا الحديث، أو بالأحرى زمننا المعاصر، نجد أن مصر كدولة ممثلة فى أجهزتها وعلى رأسها السيد الرئيس تتعامل بنفس القدر من الأهمية مع الانتماءات /الرقائق / الطبقات/ الأعمدة المكونة للشخصية المصرية، حيث نتبين أن الدولة تحيى بشكل غير مسبوق الانتماء الفرعونى وتتعاون بكل فاعلية مع الشركاء فى المتوسط، وتمد يد العون القوية للأشقاء العرب، وتبنى المشروعات ذات النفع لأشقائنا فى إفريقيا وتجدد الخطاب الدينى لمكافحة التطرف والإرهاب.
– منذ فجر التاريخ وقبل أن يولد العالم، وجدت مصر واستطاعت أن تكون عاصمة العالم القديم ومحط اهتمام العالم الحديث ولم تندثر فى فترات ضعفها، ولن تتجبر فى أوج قوتها، واستطاعت أن تكون رائدة وقبلة الوسطية فى الدنيا ولمَ لا، فهى قلب العالم بالتاريخ والجغرافيا قديما وحديثا.
– لقد لمست بحكم عملى داخل مصر وخارجها مع مختلف جنسيات العالم مدى ما يراه الآخر بالمصرى من إعجاب وقدرة على التحمل والانضباط، عفوا، لقد شاهدته حتى فى عيون من نختلف معهم، وهى بعض من الصفات المستمدة من الهوية المصرية.
– وختاما، أقول نعم نستطيع، والماضى التليد والحاضر القريب والمستقبل المشرق خير شاهد على عظمة الإنسان المصرى وقدرته المستمدة من الهوية المصرية واسعة التنوع والثراء، والبرهان الماثل أمامى اليوم هو ما تحققه الدولة المصرية من إنجازات لا يتسع المقام لسردها فى كل المجالات من: إنشاءات – طرق – مبادرات (حياة كريمة) – علاقات استراتيجية خارجية مع كل الأطراف الفاعلة.