قرارات بوتين الحربية.. التعبئة “عامة تقريبا”
تسببت قرارات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الأخيرة، في تراجع شعبيته داخل روسيا واتساع نطاق “الغضب الشعبي بين الروس”، وفقدانه دعم حلفاءه بسبب “مغامراته العسكرية التي تقود العالم لحافة كارثة نووية”.
ورصد تحليل مطول لمجلة “فورين أفيرز”، تداعيات قرارات بوتين الأخيرة، وتسببها في حالة من “السخط والغضب في الداخل الروسي” وفقدانه دعم عدد من “حلفاءه خارج روسيا”.
تعبئة عامة “تقريبا”
في مواجهة خسائر متصاعدة في ساحة المعركة بأوكرانيا، أمر بوتين بأول تعبئة تشهدها بلاده منذ الحرب العالمية الثانية، ووصفها بـ”تعبئة جزئية”.
وأكدت السلطات الروسية أن تعبئة 300 ألف عنصر احتياط تشمل فقط “الأشخاص الذين لديهم خبرة عسكرية”، لكن تم تسجيل عدد كبير من حالات استدعاء لأشخاص من كافة الأعمار في جميع أنحاء البلاد، ليتبين أن “التعبئة عامة تقريبا”، وفقا لـ”فورين أفيرز”.
وتشير المجلة إلى تداعيات تلك التعبئة بعد ” فرار عدد كبير من الروس خارج البلاد، ومهاجمة آخرين لبعض مكاتب التجنيد”، لكن الأخطر من ذلك هو تراجع شعبية بوتين بين “المواطنين العاديين”.
وبعد قرار التعبئة في أواخر سبتمبر، أظهر استطلاع أجراه مركز “ليفادا المستقل”، تراجع نسبة تأييد بوتين من 83 في المئة إلى 77 في المئة.
وانخفض مستوى ثقة الشعب الروسي في رئيسه من 44 في المئة إلى 40 في المئة فقط، في مؤشر على “تآكل شعبية بوتين”، وفقا لـ”فورين أفيرز”.
ولدى “الروس العاديين” العديد من الأسباب للنظر إلى ما يفعله بوتين الآن على أنه “غير عادل”، وفقا للمجلة.
وستزداد حدة هذا الشعور بالظلم بسبب العواقب الاجتماعية والاقتصادية لمغامرات بوتين التي حولت روسيا إلى “دولة معزولة”.
وكان الشباب أكثر الفئات غضبا بسبب “قرارات بوتين”، فهم يرون في روسيا “دولة ليس لها مستقبل”، حسب المجلة.
وبات من الواضح أمام الروس أن “التعبئة ليست جزئية”، وفي حال انتشار هذا الانطباع على نطاق أوسع، فقد يبدأ الموقف العام للمجتمع الروسي ككل في التحول.
حلفاء بوتين
تشير المجلة إلى محاولات “حلفاء بوتين” دفعه لوقف الحرب التي يصمم على موصلتها “بأي ثمن” وقد تقود العالم إلى “حافة حرب نووية”.
وخلال الفترة الماضية فقدت روسيا “دعم عدد من حلفائها”، بعد إجراءات اتخذها بوتين وأثارت حفيظة “تركيا والهند والصين”، وفقا لتقرير لصحيفة “الغارديان”.
وفي الوقت نفسه يعامل زعماء “دول الاتحاد السوفيتي السابق”، بوتين على أنه “شخصية خطيرة يتصور نفسه سيد إمبراطورية غير موجودة”، حسب “فورين أفيرز”.
البحث عن “نصر سريع”
في مواجهة تلك التحديات، يحاول بوتين البحث عن “تحقيق نصر سريع”، وهو ما دفعه لإجراء استفتاءات لضم بعض المناطق الأوكرانية المحتلة إلى روسيا، وفقا للمجلة.
وصادق بوتين، الجمعة، على ضم مناطق “دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون” إلى روسيا، بعدما أجرت موسكو ما وصفته بـ”استفتاءات” في هذه المناطق المحتلة بأوكرانيا، بينما أكدت الحكومات الغربية وكييف أن “التصويت ينتهك القانون الدولي وكان قسريا”، وفقا لـ”رويترز”.
وبذلك ستعتبر موسكو أن “الأراضي المحتلة روسية”، وستعتبر أن “أي هجوم مضاد أوكراني على تلك الأراضي بمثابة هجوم على روسيا نفسها”، ما سيؤدى إلى “عواقب وخيمة قد تصل لاستخدام السلاح النووي”.
ويمهد الضم الطريق أمام الكرملين للتأكيد على أنه “يدافع ولا يهاجم” خلال الحرب في أوكرانيا، ما يبرر استخدام موسكو “أي وسيلة عسكرية ضرورية” بما في ذلك التلويح بالسلاح النووي، وفقا لتقرير “نيويورك تايمز”.
وتشير “فورين أفيرز” إلى أن التلويح باستخدام “السلاح النووي”، أصبح “عرضيا ومتكررا” في خطابات الكرملين المتعاقبة.
وتهدف تلك التهديدات على ما يبدو إلى إثارة السكان وتحفيزهم للمعركة لكنها ستؤدي لـ”تأثير معاكس في مرحلة ما”، فقد يبدأ الروس في الخوف من حرب نووية أكثر مما يخشون بوتين نفسه، حسب المجلة.
وبعد أن اختار بوتين توسيع نطاق الحرب ” فقد يواجه عواقب وخيمة”، ويمكن أن يستمر هذا الصراع حتى عندما نفاذ “موارد روسيا”.