اللواء محمد إبراهيم: ليس مطلوبا من قمة الجزائر حل المشكلات العربية لكن كلمتها ضرورية
القاهرة في 21 سبتمبر/ قال نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية اللواء محمد إبراهيم الدويري، إنه ليس من المنطق أن نطلب من قمة الجزائر حل المشكلات العربية الحالية التي تحتاج إلى وقت وجهد حتى تعود الأوضاع إلى طبيعتها ولكن في نفس الوقت من الضروري أن يكون لهذه القمة كلمتها تجاه الأوضاع التي تمر بها المنطقة، معربا عن اعتقاده أنه إذا لم تقم القمة بدورها في ظل هذه الظروف فمن الصعب أن نأمل في أي قمة قادمة.
ورأى اللواء محمد إبراهيم الدويري، في مقال له اليوم /الأربعاء/ نشر بصفحة (قضايا وآراء) بصحيفة “الأهرام”، في هذا المجال أن هناك ستة عوامل رئيسية مطلوبة في قمة الجزائر وهي: العامل الأول مشاركة جميع القادة العرب في القمة كأولوية أولى أو من ينوب عنهم إذا لزم الأمر وفي أضيق الحدود، مع أهمية التوصل إلى حل لكيفية المشاركة السورية في القمة.. العامل الثاني أن يكون البيان الختامي الصادر عن القمة مختصرا قدر الإمكان وبعيدا عن العبارات الإنشائية حتى لا يكون نسخة مكررة من البيانات السابقة وبالتالي يفقد أهميته.
وأوضح أن العامل الثالث يتمثل في أن تسعى هذه القمة إلى بلورة حلول واقعية لكل المشكلات التي تعانيها المنطقة العربية وتمثل أحد مسببات الصراع، وأعتقد أننا نمتلك الخبراء القادرين على صياغة المبادئ الأساسية المعروفة لتسوية كل القضايا حتى تكون لدينا حلولنا العربية وليست الحلول الخارجية المفروضة التي لا تراعي إلا مصالحها.. والعامل الرابع أن يتم تعيين ممثل للجامعة العربية لمعالجة كل من المشكلات العربية الحالية، فليس من المعقول أن يكون لكل قضية عربية مبعوث أممي أو دولي أجنبي بينما يغيب المبعوث العربي القادر على التعامل مع هذه القضايا.
ولفت إلى أن العامل الخامس يدور حول أن تكون القضية الفلسطينية حاضرة بشكل قوي في هذه القمة وأن يتم الإعلان عن أن عام 2023 هو عام القضية الفلسطينية، ويتم تشكيل لجنة جديدة دائمة ومصغرة وفاعلة تكون مهمتها التحرك مع كل الأطراف فور انتهاء الانتخابات الإسرائيلية وتشكيل الحكومة الجديدة من أجل استئناف المفاوضات وصولاً إلى حل الدولتين.. والعامل السادس في أن تنتهي القمة بوضع حجر الأساس لمرحلة عربية جديدة قوامها العمل الجماعي المشترك والفاعل قدر المستطاع.
وقال نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية اللواء محمد إبراهيم الدويري: “لا يمكن أن أحسب نفسي مع أولئك الذين فقدوا الأمل في إصلاح الموقف العربي وأصبحوا يرون أن الجسد العربي أصبح بلا حراك أو فاعلية، ذلك أنني إذا سلمت بهذا التوجه الذي أراه غير سليم وشديد التشاؤم إذن فلا يوجد أي معنى لعقد القمم العربية أو الاجتماعات التي تتم بين القادة العرب، وما زالت قناعتي الكاملة تتبنى المقولة المعروفة إن الجسد العربي يمرض ولكنه لا يموت”.
وأضاف: “ليس خافياً على أحد أن الواقع الراهن يشير بكل وضوح إلى أن الوضع العربي يمر بمرحلة وهن شديد من جراء العديد من العوامل التي أدت إلى الوصول للحالة التي نراها أمامنا، والتي يمكن القول إن أهم أسبابها تتمثل في الصراعات الداخلية البعيدة عن المصالح العليا للدولة وما ترتب عليها من تدخلات خارجية، الأمر الذي عكس تأثيراته السلبية على الأوضاع في كل من ليبيا وسوريا والعراق واليمن ولبنان، هذا بالإضافة إلى تراجع فرص حل القضية الفلسطينية واستمرار الانقسام وسيطرة حماس على قطاع غزة” .
وتابع: “بالتالي فإن طرح هذه المشكلات ومسبباتها وطرق معالجتها بشفافية تعد هي المدخل الحقيقي لإعادة إحياء الموقف العربي الذي يمتلك كل أدوات القوة الشاملة، أما السؤال الذي لا أجد إجابة مقنعة عنه يتمثل في أنه إذا لم تتحد الدول العربية في مواجهة المخاطر التي تحيط بالجميع بل أنهكت تماماً البعض فمتى سوف تتحد؟ ثم أضيف سؤالاً آخر مفاده ما هي الأسباب التي تجعل الموقف العربي بهذا الشكل وتحول بينه وبين أن يعيد اكتشاف أنه يملك القدرة على أن يكون عنصراً فاعلاً في التعامل مع جميع المشكلات التي يعانيها العالم حالياً وأبسط مثال على ذلك مشكلة الطاقة التي أفرزتها الأزمة الروسية الأوكرانية والتي أكدت تفوق القدرات العربية”.
وأردف: “في رأيي أن الخلافات العربية مهما تتفاقم فإنها تظل قابلة للحل والدليل على ذلك نجاح المصالحة الخليجية القطرية والمصالحة المصرية القطرية وهو ما يمنح الأمل إزاء إمكانية تطوير العلاقات العربية سواء على المستويات الثنائية أو الجماعية، وحتى أكون منطقياً فإني لا أعترض مطلقاً على أن تسعى كل دولة إلى تأمين مصالحها بالشكل الذي تراه مناسباً ولكن بشرط ألا يتعارض هذا التوجه مع مبدأ العمل العربي الجماعي، وهي معادلة أعتقد أنها قابلة للتنفيذ إذا ما توافرت الإرادة السياسية لدى القادة العرب والتي من المؤكد أنها متوافرة ولكن لابد أن تتحول إلى واقع على الأرض”.
وأشار إلى أنه في هذا المناخ الشديد الصعوبة ستعقد القمة العربية في الجزائر في الأول من نوفمبر القادم أي بعد بضعة أسابيع وهي فترة لا تكفي لحل المشكلات المثارة حالياً في المنطقة، ولكنها تكفي في رأيي لوضع خريطة طريق عربية أو خطة عمل تساعدنا في المستقبل القريب على الخروج من مستنقع لا مفر من أن نخرج منه وإلا سنظل منغمسين فيه لعقود طويلة قادمة.
ونوه إلى أنه من الظلم البين تحميل الجامعة العربية وحدها مسئولية الوصول إلى هذا الوضع العربي ذلك أن الجامعة ما هي إلا انعكاس للحالة العربية سواء كانت هذه الحالة قوية أو ضعيفة إلا أنه لابد للجامعة التي يترأسها شخصية دبلوماسية مرموقة أن يكون لها دور أكثر فاعلية وقدر استطاعتها، ورغم كل هذه المشكلات فأنني أومن بأن الجامعة العربية ما زالت تمثل الكيان العربي الرئيسي الجامع الذي يجب الحفاظ عليه مهما تكن الصعاب، ومن ثم يجب على الجميع أن يمنحها القدرة على القيام بدورها حيث أنه ليس من العدل تقييد قدرتها على العمل ثم القيام بانتقادها .
ج.م