الشاعرة رنا صالح / سورية
ياعازفَ الناي داعب جرحَنا يبرا
أفنيتَ عمركَ لحناً ينزِفُ القهْرا
عانقتُ من شدوكَ الأفراحَ في ألمي
فبوحُ نايك ليلٌ عانقَ الفجرا
عيونُ نايكَ تبكي الدارَ وِحشتها
فيخرجُ الدمعُ من أعشاشها طيرا
ياعازفَ الناي أتقنْ صبرَ أغنيتي
أنّاتُ صدري حنيناً صُيِّرتُ زَمْرا
يا زفرةَ الناي هل تدرينَ ما وجعي؟
ريحٌ ونارٌ بِحربٍ سَجَّرت بحرا
في ظلِّ موتٍ يتيمٌ يرتجي وطناً
فلا يباعُ بهِ طفلٌ ولا يعرى
مابين فقرين ملقىً تحت قنطرةٍ
خدٌّ توسَّدَ في ترحالهِ القبرا
من فوقه سُحبٌ مدَّت إليه يداً
وعند كفّ الأماني أنجبت نهرا
ياشهقةَ القصبِ الموجوعِ في وطنٍ
فقهُ الخطابِ بهِ كم غيَّر المجرى
شكوى لساني مذاقُ الحرفِ تنطِقهُ
مُرُّ الحكايا إذا ما حُلِّيَت قسرا
وعازفُ الناي أخفى سرَّ لوحتهِ
غاصت أصابعُهُ في لوحةٍ أخرى
لينفُخَ الشعرَ من ناياتِ أوردتي
يا نايُ غنِّ ندائي وازفُرِ الشعرا
من صوتِ همسكَ يصحو همسُ ذاكرتي
ضجيجُ شوقي يعضُّ الصمتَ والذكرى
ياعازفَ النايِ هذا النأيُ أرّقني
أنّاتُ روحي فتيلٌ أشعلَ البدرا
ياعازفَ النايِ غاضَ الماءُ في جسدي
فلا تذرني رضيعاً ضاعَ بالصحرا