الجزائر تترقب ثمار قفزة “تاريخية” لقيمة الدينار
يسجل الدينار الجزائري منذ نهاية الأسبوع الأول من سبتمبر الجاري، انتعاشا ملحوظا أمام سلة من العملات الأجنبية (اليورو والدولار) في التعاملات الرسمية البنكية، إذ سجل ارتفاعًا بنسبة 12,5 من المائة خلال سنة 2022 مقارنة بالسنة الماضية، وفق متابعين للشأن المالي.
واتجهت هذه الوضعية الجديدة لدفع الدينار نحو تحقيق مكاسب معتبرة، حيث بلغ كل من اليورو والدولار حوالي 140 دينارا، فيما رسمت الحكومة بشأن قانون الموازنة لسنة 2022، قيمة الدينار الجزائري بـ 149 دينارا للدولار الواحد، وهي نتيجة لم تحدث منذ عقد كامل.
في الوقت نفسه، أعاد تعافي العملة الوطنية بعدما تحول إلى حديث الساعة التساؤل عن انعكاسات هذا الوضع في تحسين القدرة الشرائية وتخفيف العبء على “قفة” المواطن عشية الدخول الاجتماعي.
“قفة” المواطن تترقب
يتوقع خبراء أن يكون للانتعاش الذي يعرفه الدينار أمام اليورو والدولار ثمارا ملموسة على تحسن القدرة الشرائية للمواطنين، أو على الأقل استقرار أسعار الاستهلاك بشكل أو بآخر.
ولذلك يعتبر أستاذ الاقتصاد، الدكتور عبد الرحمان عية أن التعافي الذي يسجله الدينار الجزائري في الفترة الأخيرة “يندرج ضمن استرجاع لقيمته بعد فترة من التراجع عرفها خلال السنوات الأخيرة”.
وفي حديث مع “موقع اقتصاد سكاي نيوز عربية” توقع الدكتور عبد الرحمان عية أن “تكون لهذا الارتفاع المعتبر لقيمة العملة الوطنية آثارا إيجابية على حماية القدرة الشرائية للمواطنين من التضخم”.
ويشرح علي عية فكرة تحسن الميزان التجاري، قائلا: “نستورد ما قيمته 60 بالمائة تقريبا من المواد من المنطقة الأوروبية وبالتالي فإن ما أصبحنا ننفقه أقل مما كان عليه الأمر سابقا، علاوة على أن انخفاض عملة اليورو سيساهم في عدم تكلفة المواد المستوردة”.
وبخصوص تعاملات المؤسسات الاقتصادية التي تستورد المواد والتجهيزات من الخارج، يعتقد المتحدث أن هذه الوضعية ستكون لصالحها من خلال شرائها لمدخلات الإنتاج من أوروبا بسعر أقل، مما سيساهم إيجابيا على الأسعار في الداخل.
الرهان.. التحكم في التضخم
من جانبه، قدم المستشار في التنمية الاقتصادية، عبد الرحمان هادف تحليلا حول رهانات تحسن قيمة الدينار الجزائري، واصفا ذلك بـ “الأمر الإيجابي من الجانب الكلي، خاصة أن الجزائر تراهن على مشروع التحول الاقتصادي المبني على تنويع مداخيل اقتصاد البلاد”.
وأضاف هادف في تصريح لـ “موقع اقتصاد سكاي نيوز عربية” أنه “إذا طالت مدة هذا الانتعاش للعملة الوطنية سيعود ذلك على القدرة الشرائية بصفة إيجابية، ويُمكن من إعادة خفض الأسعار والتحكم في معدلات التضخم التي تبقى الهاجس الأكبر”.
من جانب آخر، ركز المستشار في التنمية الاقتصادية على “ضرورة مواصلة تعزيز بيئة الأعمال التي ترفع من مستوى استقطاب الاستثمارات الأجنبية في ظل الاندماج في الاقتصاد العالمي الذي يشهد بدوره تغيرات كبرى”.
أسباب الانتعاش
يرجع مراقبون تحسن العملة الوطنية إلى عوامل داخلية وأخرى خارجية لها علاقة بالأوضاع الجيواستراتيجية في العالم.. فما هو التفسير العلمي لهذه القفزة التاريخية للدينار الجزائري؟
ويرى خبراء أن المؤشرات الجيدة للاقتصاد الجزائري الذي انتعش في المدة الأخيرة خاصة مع تغطية العجز التجاري وتنامي الاستثمارات خصوصا في مجال الطاقة تساهم في تذليل العقبات أمام رفع قيمة الدينار.
كما أن قانون الاستثمار الجديد الصادر هذه السنة، ساهم في هذه الوضعية من خلال فتح الباب واسعا أمام المستثمرين الأجانب دون عوائق بيروقراطية، ومبعدا الاقتصاد الجزائري عن دائرة المحروقات بما لها من تأثيرات سلبية مع كل أزمة تعصف بالسوق البترولية في العالم.
من جهة أخرى، يعتبر بعض المراقبين أن الخطة الاقتصادية للحكومة منذ بداية 2022 والمتمثلة في إعادة الروح للمؤسسات الاقتصادية المتعثرة ساهمت من جانبها في تعافي قيمة العملة الوطنية، إضافة إلى تحويل السنة الجارية إلى سنة اقتصادية من خلال ارتفاع نسبة الصادرات خارج المحروقات ما أثر بشكل إيجابي على الدينار الجزائري.
ولتأكيد توجهات الحكومة الجزائرية في دعم قيمة العملة الوطنية يأتي تصريح الرئيس، عبد المجيد تبون نهاية شهر يوليو الماضي، في اللقاء الدوري مع وسائل الإعلام المحلية من أن “الإمكانيات التي تحوزها الجزائر تجعلها قادرة، على المدى المتوسط، على استرجاع قيمة الدينار”