حقبة للاقتصاد العالمي دامت 51 عاماً أوشكت على نهايتها
كبير الاقتصاديين في "سويس ري": الأزمة الأخيرة ستغير نصف قرن من النظام العالمي
مؤخراً، كان كبير الاقتصاديين في شركة “سويس ري” (Swiss Re)، جيروم هيغلي، يفكر كثيراً في يوم 15 أغسطس 1971.
يتذكر هيغلي أنه في ذلك اليوم قطع الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون بث حلقة من البرنامج التليفزيوني الغرب-أميركي الشهير “بونانزا” ليعلن نهاية ربط العملة بالذهب، فافتتح بدوره حقبة تجاوزت نصف قرن من العولمة، وأسعار الصرف المرنة، والأسواق المفتوحة، ودفع التضخم نحو الهبوط، مما أثار شائعات عن زواله.
يقول هيغلي، الذي عمل أيضاً لدى البنك الوطني السويسري، بما في ذلك عمله مندوباً للبنك في المجلس التنفيذي لـصندوق النقد الدولي، إنّ ذلك التاريخ عالق في الذاكرة لأنه كان بداية حقبة تنتهي الآن.
يرى هيغلي أن أي نظام جديد ينبثق يجب أن يلبي بشكل أفضل احتياجات وقدرات الأسواق الناشئة جنباً إلى جنب مع الاقتصادات الأكثر تقدماً.
إحياء الاقتصاد الحقيقي
يقول هيغلي إنّ نقطة البداية لمحافظي البنوك المركزية -التي اهتزت عند إعادة ضبط توقعات التضخم وسط غزو روسيا لأوكرانيا- تتمثل في التزام مهمتهم الخاصة بتحقيق استقرار الأسعار.
يحتاج صانعو السياسات إلى إعادة التركيز على تسهيل وتشجيع الاستثمار طويل الأجل، جنباً إلى جنب مع إعادة إحياء “الاقتصاد الحقيقي”، في ظل استعادة الأصول الملموسة مثل البنية التحتية شعبيتها بعد 15 عاماً من تضخم أسعار الأصول المالية.
في هذا الصدد، أشاد هيغلي بسنغافورة لإعلانها هذا الشهر عن طرح سندات خضراء، ويرى أن تلك الخطوة ستتكرر في اقتصادات أخرى مع سعى الحكومات للحصول على مزيد من الأموال الخاصة لتوجيهها إلى مشاريع البنية التحتية.
محافظ البنك المركزي السابق متفائل إلى حدٍّ ما بشأن تنبؤاته حول تبنّي المسؤولين لهذه الحقبة الجديدة في الاقتصاد العالمي والقدرة على تنفيذ مهامّهم بشكل أفضل، وفقاً لنهج “العودة إلى الأساسيات” الذي يركز على استقرار الأسعار، غير أن توقعاته في المدى القريب أكثر قتامة بكثير.
فاقت تقديرات “سويس ري” إجماع المحللين في ما يخصّ نمو الأسعار، وكانت أدنى بشأن توقعات النمو. يرى هيغلي وفريقه ارتفاعاً في معدلات التضخم لمدة أطول، مع استقرار تضخم أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة عند نحو 3% خلال العقد المقبل.
يقول هيغلي إنّ ذلك يعني “الركود التضخمي” -ارتفاع الأسعار وسط انكماش في النمو الاقتصادي- في جميع أنحاء العالم، حتى لو لم يكن مثل الركود التضخمي على غرار ما وقع في سبعينيات القرن الماضي. وفي حين يُتوقع أن يكون الركود “معتدلاً إلى حدٍّ ما” في الولايات المتحدة، فإنّ الانكماش الذي ستشهده أوروبا سيكون أكثر خطورة، إذ تظل أسعار الغاز الطبيعي أعلى بعشر مرات من المعدل الطبيعي.