بقلم / محموددرويش
في 1 أبريل 1998، امتلأ ملعب سانتياجو برنابيو عن بكرة أبيه، تلك الليلة استقبل ريال مدريد نظيره بروسيا دورتموند بذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا
جماهير ريال مدريد عرفت أن تلك المباراة ستكون الأخيرة لفريقها على سانتياجو برنابيو في تلك النسخة، ولم تدخر مشاعرها التي عبرت عنها بكل الوسائل الممكنة، وعندما وصل الحماس إلى أقصاه لحظات قبل دلوف اللاعبين إلى أرضية الملعب، قامت جماهير الدرجة الثالثة بتسلق السياج المربوط بالمرمى.. فانهار المرمى.
تحطم المرمى ودخلت المباراة إلى نفق مظلم، فالعاملون بالملعب حاولوا إصلاح المرمى بكافة الوسائل الممكنة دون نجاح يذكر، والمشكلة كانت في عدم وجود مرمى احتياطي بملعب سانتياجو برنابيو يومها، مما يخالف تعليمات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
خيم الصمت والهلع على كل المنتمين إلى ريال مدريد في محيط الملعب، وبدأت إدارة الفريق الألماني في ممارسة الضغط على الحكم الهولندي ماريو فان دير إندي.
إلغاء المباراة كان سيعني اعتبار دورتموند فائزا بشكل افتراضي بنتيجة 3-0، وهي نتيجة سيصعب على ريال مدريد تداركها في مباراة الإياب بألمانيا، مما يعني ضياع الحلم المدريدي عمليا.
وسط تسليم بالأمر الواقع أمام مشكلة لا يمكن حلها، ظهر أجوستين هيريرين، نائب مدير الملعب وفكر في الذهاب إلى المدينة الرياضية القديمة المتواجدة على بعد 2 كيلومتر فقط من الملعب، وإحضار مرمى على وجه السرعة والعودة به إلى الملعب.
توجه هيريرين بفكرته العبقرية إلى ميجيل أنخيل جونزاليز حارس مرمى ريال مدريد في السبعينات والثمانينات، والذي كان يشغل منصب مدير المدينة الرياضية في ذلك الوقت، وعلى الفور هرع كلاهما صوب المدينة الرياضية، وعندما وصلا، تواصلت المشكلات.
المدينة الرياضية مغلقة الأبواب في هذا الوقت من الليل، وعلى ما يبدو فقد ترك رجال الأمن مراكزهم لمشاهدة المباراة المصيرية، هيريرين قرر بشجاعة كبيرة أن يتسلق سور المدينة الرياضية وهبط من الجانب الآخر ليفتح الأبواب
هنا ظهرت مشكلة كبيرة، فالشاحنة التي حضرا فيها إلى المدينة الرياضية صغيرة ولن تتسع للمرمى، من أين لهما بشاحنة متاحة في وقت قصير؟
كانديدو جوميز هو البطل الثالث للرواية، قائد شاحنة أنهى يومه وذهب لتناول العشاء في أحد المطاعم القريبة من المدينة الرياضية وترك شاحنته بالخارج، وعلى الفور بحث هيريرين وميجيل أنخيل عن صاحب الشاحنة ولم يجدا مشكلة في إقناعه بالقيام بالمهمة البطولية، لأنه مشجع لريال مدريد بالفعل.
عاد ثلاثتهم إلى المدينة الرياضية، توجهوا إلى الغرفة التي يتواجد بها المرمى، ولم يجدا المفتاح الخاص بباب الغرفة.
لا وقت للبحث، كانديدو خيّر استعمال القوة، وأحضر شاحنته واستعملها في كسر باب الغرفة، وقاموا بتحميل المرمى على الشاحنة.
طلب هيريرين من دورية شرطة أن تفتح الطريق للشاحنة التي سارت بسرعة جنونية خلف سيارة الشرطة متخطية الإشارات الحمراء لأجل الإبقاء على الحلم المدريدي المهدد بالفناء.
في الوقت عينه بملعب المباراة، وصلت الضغوطات الألمانية إلى درجة غير مسبوقة، وإداريو ريال مدريد استهلكوا كافة حججهم لإهدار الوقت، الحكم نظر إلى ساعته ووجد أن لا داع للتأجيل لأكثر من ذلك.
الجماهير المذنبة انتظرت صافرة الحكم الهولندي في أي لحظة قريبة، عندما رأوا مرمى محمولا على الأكتاف يدخل إلى أرض الملعب.
انفجر ملعب سانتياجو برنابيو برؤية المرمى، كان الأمر بمثابة تسجيل هدف قبل أن تنطلق المباراة حتى.
انطلقت المباراة بحماس جماهيري مضاعف بعد أن حُبست أنفاسهم ولاحقتهم الأزمات القلبية وهم يرون فريقهم يخسر دون أن يلعب.
– إدارة ريال مدريد قامت بتكريم السائق كانديدو جوميز، فأرسل له الرئيس لورنز سانز جواب شكر مصحوبا بمجموعة هدايا وكرة المباراة موقعة من اللاعبين بالإضافة إلى مبلغ مالي تعبيرا عن العرفان، أما أجوستين هيريرين، فتم ترقيته بالعام التالي ليكون مديرا لملعب سانتياجو برنابيو، المنصب الذي يشغله حتى اللحظة.
فاز ريال مدريد بهدفين نظيفين ومباراة الإياب انتهت سلبيآ وأعلن عن تأهل ريال مدريد إلى النهائي الأول منذ 17 عاما.
وفي أمستردام بعد 6 أسابيع سجل بريدراج مياتوفيتش بشباك أنجلو بيروتزي حارس يوفنتوس ليحقق ريال مدريد لقب دوري أبطال أوروبا لأول مرة منذ 32 سنة