اختراق علمي في الطاقة الذرية قد يتيح للبشر سكنى المريخ
الاكتشاف يقدم مساهمة إلى معالجة التغير المناخي على الأرض
بوسع اختراق جديد في عمل البلازما الذرية أن يساعد البشر في العيش على كوكب المريخ، بحسب العلماء الذين أنجزوا الاكتشاف. [في الفيزياء النووية، يطلق تعبير بلازما على المكونات شظايا المكونات الدقيقة للذرة التي تظهر حين يحدث انفجار نووي. وتتألف الذرات وأنويتها من تلك المكونات الفائقة الصغر].
ويأمل العلماء بناء نظام من شأنه أن يساعد على دعم مختلف أشكال الحياة، فضلاً عن صنع مواد كيماوية ضرورية لإنتاج النفط وصنع مواد المحظورة وتخصيب النباتات.
وفي هذا السياق، يأمل عدد من الخبراء ووكالات الفضاء إرسال بشر للعيش على المريخ في السنوات القادمة. وثمة صعوبة في ذلك الأمر تشمل كون المريخ كوكباً عدائياً، ليس فيه الأوكسجين الذي يتيح للبشر بأن يتنفسوا ويعيشوا، وكذلك يفتقر إلى الوقود الذي يشغل الآلات والمعدات التي يحتاجون إليها للبقاء على قيد الحياة.
وبالتالي، يأمل خبراء في التغلب على تلك العوائق من خلال ابتكار تكنولوجيا تستطيع إنتاج ما يكفي من الأوكسجين والمواد الأخرى الضرورية للسنوات التي يتوقع البشر قضاءها على هذا الكوكب. إذا لم تحل تلك المشكلات فلن تتمكن البشرية من العيش أو الاستمرار على الكوكب الأحمر.
وفي سياق متصل، تعمل وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) على مهمة يطلق عليها اسم “تجربة استخدام موارد الأوكسجين الطبيعية على كوكب المريخ” Mars Oxygen In-Situ Resource Utilization Experiment. وتهدف التجربة إلى تطوير الموارد على المريخ. واستطراداً، جاء هذا الاختراق الجديد كي يستكمل ذلك النهج، إذ إنه قد يوفر طريقة فاعلة في إنتاج الجزيئات الذرية والنووية المطلوبة [لدعم عمليات العيش على المريخ].
وفيما يسعى خبراء إلى إنتاج الأوكسجين الضروري لحياة الإنسان على المريخ فإنهم يواجهون مشكلات متزايدة. في المقابل، من شأن هذا الاختراق العلمي الجديد أن يساعدهم على حل تلك المشكلات.
وفي هذا الإطار، يرى ماسكو غيرا من جامعة لشبونة، وهو أحد مؤلفي الدراسة البحثية، أن “هنالك أولاً [في الآليات التي تناولها الاختراق العلمي الجديد] عملية تفكيك جزيئات غاز ثاني أكسيد الكربون لاستخراج الأوكسجين. ويعرف عن ثاني أكسيد الكربون أنه جزيء يصعب للغاية كسره. [يتألف ذلك الجزيء من ذرة كربون متصلة مع ذرتين من الأوكسجين. ويتألف أول أكسيد الكربون من ذرة كربون وذرة أوكسجين. ويتميز الكربون بصلابته واستقراره، ما يصعب العمل على مكوناته]، ثم يأتي ثانياً، العمل على فصل الأوكسجين الناتج عن تفكيك ثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون. إننا ننظر إلى هاتين الخطوتين بطريقة شاملة بغية إيجاد حل للتحديين معاً. وفي ذلك الإطار يستطيع العمل على البلازما الذرية أن يقدم يد المساعدة”.
وفي سياق الفيزياء النووية أيضاً، ينظر إلى البلازما بوصفها الحالة الطبيعية الرابعة للمادة. [الحالات الثلاث الأخرى هي الصلبة والسائلة والغازية]. وتحتوي البلازما على جزيئات حرة مشحونة كالإلكترونات والأيونات، التي قد تساعد في تكوين الأوكسجين [عبر تفكيك ما يربطه مع ذرة الكربون].
ويضيف غيرا، “حينما تصطدم إلكترونات [من البلازما] تكون منطلقة بسرعة تجعلها تشبه رصاصة منطلقة، بجزيء ثاني أكسيد الكربون يمكن أن يؤدي ذلك إلى تفكك ذلك الجزيء مباشرة. وكذلك قد تعمل تلك الطلقات من الإلكترونات على نقل الطاقة إلى جزيء ثاني أكسيد الكربون كي تجعله يهتز، بالتالي يمكن توجيه هذه الطاقة إلى حد كبير نحو تفكك ثاني أكسيد الكربون. بالتعاون مع زملائنا في فرنسا وهولندا أثبتنا تجريبياً صحة هذه النظريات. علاوة على ذلك، تكون الحرارة المتولدة في البلازما مفيدة أيضاً لفصل الأوكسجين عن الكربون”.
ويقترح العلماء أن النظام نفسه يمكن أن يساعد في تكسير جزيئات ثاني ثاني أكسيد الكربون لإنتاج الوقود الأخضر [أنواع من الهيدروجين تكون خالية أو شبه خالية من الكربون] وإعادة تدوير المواد الكيماوية، ما يساعد على معالجة التغير المناخي على كوكب الأرض أيضاً.
أدرج البحث الجديد في تقرير بعنوان “البلازما لاستخدام الموارد الطبيعية على المريخ. عن الوقود ودعم الحياة والزراعة”. ونشر البحث اليوم في مجلة “جورنال أوف أبلايد فيزيكس” (مجلة الفيزياء التطبيقية).