كتب مبارك أحمد النمر
——————–
إن كان لى أن أنحاز لمفكر فأنى أعلن انحيازى لأستاذى حسن حنفى الذى ربطنى به عام جامعى واحد بجامعة القاهرة هو عام (1975/1976) .
إنه لايدفعك للقراءة فحسب لكنه يدفعك للغوص فى أنهار المعرفة لتروى ظمأك فلا ترتوى بل تطلب المزيد دائما .
وحده من فعل بى ذلك حتى الآن .
وكنت أتمنى لو أسندت إدارة الحوار الوطنى لشخص يحمل بعض صفات هذا المفكر الكبير .
هذه بعض أفكاره تمنيت لو كانت أحد مرتكزات هذا الحوار . .
لماذا لم تحاول الحركة الفكرية مواجهة الطغيان السياسى؟
العامل السياسى هو العامل الأبرز لأنه هو العامل الحامل لجبهة المثقفين والطبقة المتوسطة ، وهو الذى يحمل العامل الإجتماعى و التنموى والتاريخى أيضا، لكن لم نشهد فى القرن الأخير نظاما سياسيا يعترف بوجود الأنا والآخر ويحاور الخصم .
ما شاهدناه أنا موجود فأنت فى السجن ، وأنت موجود وأنا فى السجن ، وبهذه الطريقة سينشأ الناس باستمرار نفسيا فى خصومة مع الآخر ، لايستطيع أن يحاور الآخر مع أنه يكون بينه وبين الآخر أحيانا عوامل مشتركه .
وحول الخطاب الدينى وأهميته يقول . .
خواء الخطاب الدينى سبب ردة البعض . .
لا يوجد شئ اسمه عالم دين ، العالم عالم اجتماع عالم سياسة ، فهو أيضا عالم دين لأنه يتعرض لنفس الموضوعات التى يتعرض لها الدين ، وعالم الدين إذا لم يكن عالما بالسياسة والإجتماع والإقتصاد والثقافة سيكون خطابه خاويا من أى مضمون ، لذلك لايوجدشئ اسمه لباس دين جبه وعمه ومؤسسة وجامعة . .
العالم الذى يكتشف مصلحة الناس هل هو رجل دين ، أم رجل دولة ؟
القسمة رجل دين / دولة ورثناها من عصر المماليك والأتراك ، وقد يكون ما قبلها ربما ، لكن من يعمل لما فيه مصلحة الناس فهو رجل دين ، وكل من يضر مصالح الناس هو رجل يضاد الدين بفعله وفكره . .
لا توجد مؤسسة تسمى مؤسسة دينية ، ولارجل ولا جامعه . إنما القضية هى الموضوع الذى يتم الحديث فيه والغاية التى تهدف إليها ، والنتائج المترتبة عليها .
مؤتمرات الأوقاف والأزهر كلام فى كلام لاينتقل من المنصات إلى الشارع
الأزمة . .
طالما أن النظام السياسى الذى نعيش فيه يشجع خطاب هذه المؤسسات ويجد فيها تشجيعا لكل قراراته ضد المعارضة سيظل باستمرار هذا الوئام بين الخطاب الدينى والخطاب السياسى ، لكن إذا انفلتت العرى بين الخطاب الدينى والخطاب السياسى ، وجاء الخطاب السياسى ناقدا للخطاب الدينى كما حدث فى عصر النهضة فى أوربا ربما استطاع الخطاب الدينى ان ينقد الخطاب السياسى كما فعل الأفغانى مع الدولة العثمانية وخطابها .
سبينوزا فى القرن السابع عشر يقول فى رسالته للاهوت والسياسة أن حرية الفكر ليست خطرا على التقوى والإيمان ولكن القضاء على حرية الفكر فيه قضاء على التقوى وقضاء على الدولة .
خواطر اقتحمت رأسى وأنا أشاهد المؤتمرات الصحفية لضياء رشوان وهى تنبئ كيف يدار هذا الحوار الوطنى ، وكيف أجهضت مخرجاته قبل أن يبدأ ، باستبعاد أهم ما نعانيه من وجود دستور (يؤصل لدولة دينية فى ظل إطار يعلن مدنيتها) . .
استبعاد مناقشة تعديل بعض مواد الدستور فى الحوار الوطنى يفرغه من مضمونه ، ويصادر أهدافه ويقزمها .